تخطي للذهاب إلى المحتوى

تونس والقضاء الجائر

16 يوليو 2025 بواسطة
تونس والقضاء الجائر
Ameur

قضية “التآمر 2”: تفاصيل حصرية لجلسات محاكمة سياسيّة

أصدرت الدائرة الجنائية الخامسة المختصة بالنظر في القضايا الإرهابية، يوم 8 جويلية 2025، أحكامها في ما عُرف بقضية “التآمر 2” التي شملت شخصيّات سياسيّة بارزة وقيادات أمنية سابقة. تراوحت الأحكام بين عدم سماع الدعوى للمتهم الوحيد المحال بحالة سراح، صاحب الأعمال رضا العياري، و12 سنة سجنا في حقّ المتهمين الذين حضروا الجلسات عن بُعد، ومن بينهم رئيس بلدية الزهراء ريان الحمزاوي، و14 سنة في حقّ رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي قرّر مقاطعتها، و35 سنة ضدّ من حوكموا في حالة فرار، ومن بينهم مديرة ديوان الرئيس قيس سعيّد السابقة نادية عكاشة، باستثناء رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد الذي طعن محاموه بالتعقيب في قرار دائرة الاتهام.

وفي إطار متابعتها المستمرّة للمحاكمات السياسيّة، تُخصّص المفكرة القانونية هذا المقال لتسليط الضوء على جلسات “قضية التآمر 2″، والتي تتخذ بدورها طابعًا سياسيًا واضحًا بالنظر إلى هوية المتهمين فيها والتهم الموجهة إليهم. وقد عرفت هذه القضية، شأنها شأن “قضية التآمر1 “، إصدار قرار بمحاكمة المتهمين عن بُعد، وهو ما سبق أن اعتبرته المفكرة إجراءً تعسفيا وانتهاكًا صريحًا لمبادئ المحاكمة العادلة. إنّ توثيق هذه المحاكمات التي تخضع إما لحجب إعلامي أو لتوجيه خدمة سردية معيّنة، من شأنه ليس فقط أن يُوفّر مرآة لما بلغته وضعية استقلال القضاء وضمانات المحاكمة العادلة في تونس، ولكن أيضا أن يساهم في التأريخ للمرحلة السياسيّة التي تعيشها البلاد.

مؤامرة أخرى مبنية على وشاية مجهول

تتعلّق هذه القضية بواحد وعشرين متهمًا، من بينهم إلى جانب الشخصيات السياسية السابق ذكرها، قياديون بارزون حاليون أو سابقون في حركة النهضة، بعضهم موقوفون في قضايا متنوعة مثل الحبيب اللوز وسمير الحناشي (شغل خطة مستشار أمني سابق برئاسة الحكومة بين 2011 و2014)، وآخرون بحالة فرار وهم معاذ الخريجي، ورفيق بوشلاكة، ولطفي زيتون وعادل الدعداع. كما تشمل لائحة الاتهام صحفيين مثل شهرزاد عكاشة وماهر زيد، وصاحب الأعمال رفيق يحيى (ثلاثتهم بحالة فرار)، وعددًا من القيادات الأمنية على غرار كمال بن البدوي (رائد متقاعد بالجيش الوطني، قضى عقوبة 11 سنة على خلفية قضية براكة الساحل)، ومحرز الزواري (مدير عام أسبق للمصالح المختصة في وزارة الداخلية)، وعبد الكريم العبيدي (شغل خطة رئيس فرقة حماية الطيران، وأحيل على التقاعد الوجوبي سنة 2021)، وفتحي البلدي (عمل في إدارة الحدود والأجانب، وتمت إحالته على التقاعد الوجوبي في 2021) جميعهم بحالة إيقاف، وكمال القيزاني (المدير السابق للأمن الوطني والمدير العام لمخابرات وزارة الداخلية)، وعبد القادر فرحات (مدير عام الشرطة العدليّة السابق)، بحالة فرار، بالإضافة إلى مصطفى خذر (حكم عليه في ماي الماضي بـ 48 سنة سجنا في ما عُرف بقضية”الجهاز السرّي”).

على غرار قضية التآمر الأولى، انطلقت هذه القضية بشهادة شاهد محجوب الهويّة -لحقتها شهادات أخرى لأمنيين أساسا، إحداها محجوبة الهوية، لم يكن لها تأثير في البحث. أدلَى الواشي الرئيسي بوجود وفاق أمنيّ الغرض منه تبديل هيئة الدولة، يترأّسه راشد الغنوشي بالتنسيق مع كمال بن البدوي بوصفه “الرئيس الفعلي للجهاز السرّي لحركة النهضة”. وقد زعم الواشي أنّ بن البدوي استقطب جملةً من الأمنيين لاختراق وزارة الداخلية وزعزعة أوضاع البلاد، وأنّه كلّف ماهر زيد بالاتصال بريّان الحمزاوي حتى يُمكّنه من الاطّلاع على تحركات رئيس الجمهورية التي يتحصّل عليها بدوره من نادية عكاشة المديرة السابقة للديوان الرئاسي، نظرا لكونهما يسكنان في نفس المنطقة. وذكر كمثال على ذلك “حادثة الجامع”، حين “تهجّم أحد الملتحين” على الرئيس قيس سعيد في أحد الجوامع في حيّ التضامن.

وعلى هذا الأساس، تمّ توجيه تهمة تكوين وفاق ذي علاقة بالجرائم الإرهابية والتحريض بأيّ وسيلة على ارتكاب جرائم وتكوين وفاق بقصد الاعتداء على الأملاك والأشخاص والتآمر على أمن الدولة الداخلي، ومحاولة الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة طبق الفصول 5 جديد و13 جديد و14 و32 و40 من قانون مكافحة الإرهاب، والفصول 59 و68 و69 و72 و131 و132 من المجلة الجزائية، وذلك في حق كمال بن البدوي وراشد الغنوشي. كما تمّ توجيه تهمة الانضمام إلى الوفاق وبقية التهم المذكورة سابقا في حق ريّان الحمزاوي وعبد الكريم العبيدي والحبيب اللوز والفتحي البلدي ومحرز الزواري وسمير الحناشي ورضا العياري. > El Waled: ووجهت نفس التهم المنسوبة لراشد الغنوشي وكمال بن البدوي إلى مجموعة المتهمين المحالين في حالة فرار، مع إضافة تهم الفصول 1 و 3 و10 35 و37 والفصول من 92 الى 97 من قانون مكافحة الإرهاب والفصول 32 و61 و62 و67 و70 و72 من المجلة الجزائية.

الجلسة الأولى: التشكيك بمقوّمات المحاكمة العادلة

على خلاف ما شهدته جلسات “قضية التآمر عدد 1” من حشود إعلامية ومواكبة سياسية وأمنية لافتة أمام المحكمة، بدَت الأجواء صباح 6 ماي أشبه بمشهد صامت. ففيما عدا بعض الصحفيين الذين وقفوا خارج أسوار المحكمة يترصّدون أعضاء هيئات الدّفاع، وبعض أفراد عائلات الموقوفين لم يُسَجَّل حضور يُذكر أمام مقرّ المحكمة الابتدائية بتونس.

أمام القاعة عدد 6، المشهد نفسه يتكرّر. اقتصر الحضور على المحامين وثلاث صحفيات سُمح لهن بالتغطية، يمثّلن جرائد الشروق، والصباح، والصحافة. مشهد يوحي بأن القضية، رغم ثقل لائحة الاتّهام وأسماء المتهمين، تجري على هامش المشهد الإعلامي والسياسي.

داخل قاعة الجلسة، دَقّ الجرس في العاشرة صباحًا إيذانًا بدخول هيئة المحكمة. شرع رئيس الدائرة فورًا في المناداة على الملفات المقرّرة في نفس الجلسة. غير أنّ جلّ القضايا أُجّلت. يُنادي الرئيس على القضية، ويؤكّد بصرامة أنه يُمنَع منعًا باتا تصوير المحكمة وهيئتها أو تسجيل مرافعات المحامين، وأنّ ذلك يجعلهم تحت طائلة العقاب. في موازاة ذلك، يُحدق بعض الأمنيين الحاضرين في الجلسة في اتجاه الحضور، حتى المحامين منهم، للتثبت مما إذا كان هناك شخص بصدد التسجيل. في الأثناء، المتهم الوحيد الذي يّحاكم حضوريّا في قاعة الجلسة هو رضا العياري، الذي يمثل في حالة سراح.

تنطلق الشاشة من غرفة البثّ عن بعد في سجن المرناقية، ليقف كلّ من ريّان الحمزاوي، ومحرز الزواري، وعبد الكريم العبيدي وسمير الحناشي. يقف بجانبهم برداء المحاماة من داخل السجن المحامي محمد عيّاد عضو هيئة الدفاع عن الحمزاوي. يطلب عيّاد الكلمة مؤكّدا أنّ منوّبه يرى الهيئة دون المحكمة والمحامين، ولا يسمع كلّ ما يُقال بقاعة الجلسة. ويستنكر منعه من استعمال هاتفه الجوال ولوحته الرقمية التي تتضمن أوراقا من الملف، وهو ما اعتبره هضما لحقّ الدفاع، مُعلنا انسحابه من غرفة البث والتحاقه بقاعة المحكمة في باب بنات.

تتدخل المحامية نادية الشواشي مشيرةً إلى أن الصوت من قاعة الجلسة لا يصل إلى مُنوّبها. ويستنكر المحامي محمد علي بوشيبة قرار المحاكمة عن بعد، مُذكّرا بأن هذا الشكل من المحاكمة تَمّ العمل به خلال جائحة كورونا، وهو مشروط بالخطر الملمّ، والحال أن قرار المحكمة في هذا الصدد لم يكن مُعلّلاً. يتناوب بقية المحامين على الدفع بعدم شرعية قرار المحاكمة عن بعد، من منطلقات عديدة.

في الأثناء، نرى المتّهم ريان الحمزاوي يرفع يده عدّة مرات طالبا الكلمة خلال المرافعات التي لم نكن متأكّدين من أنه يسمعها. يُطمئنه رئيس الجلسة أنّه سيحيل إليه الكلمة إثر المرافعات. بعد صبر، يطلب رئيس الجلسة من الحمزاوي التكلّم، ليقول: “أنا جندي من جنود هذا الوطن، لم تمرّ مناسبة احتاجني فيها الوطن ولم ألبِّ النداء.. أنا في قضيّة لا علم لي بأطرافها وأفعالها.. عندما دخلت هذه الغرفة، ظننتُ أن هؤلاء الحاضرين إلى جانبي من أعوان السجون والإصلاح، ليتّضح لي لاحقا أنهم من تُنسب إليّ تهمة التآمر معهم على أمن الدولة.. محاكمتي ومصيري اليوم رهن توفّر تغطية الإنترنت لا غير”. طلب الحمزاوي من الهيئة السماح له بالحضور على عين المكان ليتفاعل مع هيئة المحكمة كي تراه وتتثبّت من صدقية أقواله، مؤكّدا غياب أيّ دليل ملموس يُدِينه، ومطالبًا بمكافحة الشاهد المجهول.

ثم تُحال الكلمة للمتهم محرز الزواري ليؤكّد براءته قائلًا: “لا أعرف لمَ أنا موجود اليوم بالسجن”. وهو ما تمسّك به كذلك عبد الكريم العبيدي وسمير الحناشي قائلين بأن لا علاقة لهما بقضية الحال، طالبين أيضا المثول حضوريّا أمام المحكمة للدفاع عن نفسيهما.

من جهة أخرى، تَمسّك لسان الدفاع عن محرز الزواري بضرورة احترام معايير المحاكمة العادلة، وفق ما تقتضيه أصول التقاضي. واعتبر أنّ إحالة منوبه في ملف “التآمر 2” جاءت عامّة وشمولية، من دون تحديد أفعال مادية تُنسَب إليه. وذكّر بأنّ منوّبه سبق وأن أُحيل في قضيتي اغتيال الشهيد محمد البراهمي و”التسفير”، وتمّ فيهما حفظ التهم نهائيًا في حقّه منذ الطور التحقيقي، ما يجعل إعادة “حشرِه” في هذا الملف محلّ تساؤل مشروع، في ظلّ غياب أيّ قرينة جديدة. وفسّرت المحامية آسيا حاج سالم تكرار إقحام منوبها في قضايا ذات بعد أمني، والحال أنه بعيد عن وزارة الداخلية منذ 2014، بوجود خصومات قديمة على خلفية قرارات كان اتخذها سابقًا بحكم مسؤوليّته في حقّ بعض النقابيين الأمنيين. > El Waled: أما محامي عبد الكريم العبيدي، فقد أكّد أن لا صلة لمنوبه بوقائع القضية مطلقًا، وأنّ اسمه أُقحِمَ في ملفات متعددة في سياقات متقاربة دون أن تَثبت علاقة مباشرة له بالأفعال الإجرامية. وذكّر بأن العبيدي أُحيل على القضاء في قضية سابقة تتصل بنفس الوقائع، ما يجعل تتبّعه مجدّدًا خرقًا لمبدأ عدم جواز محاكمة الشخص مرّتين على نفس الوقائع، مطالبا بالإفراج عنه.

وعند الساعة العاشرة ليلاً، قرّرت الدائرة تأجيل النظر في القضية إلى جلسة يوم 27 ماي 2025، مع رفض جميع مطالب الإفراج المقدّمة من لسان الدفاع. قرارٌ أضاف طبقةً أخرى من الغموض إلى قضية تُدار بين اتهامات متكررة ومرافعات لا تلقَى صدًى داخل القاعة.

الجلسة الثانية: الاختصاص محلّ جدل

انطلقت الجلسة الثانية يوم 27 ماي عند الساعة العاشرة وعشرين دقيقة صباحا، بعد المرور على قضايا أخرى مدرجة في نفس اليوم.

مع بداية الجلسة، شرعَ رئيس الدائرة في المناداة على المتّهمين: كمال البدوي “امتنع عن الحضور”، راشد الغنوشي “لم يحضر”. في المقابل، حضر عن بعد، إلى جانب الأربعة الحاضرين في الجلسة الأولى، الحبيب اللوز (موقوف على ذمة قضية أخرى)، إضافة إلى رضا العياري الذي يُحاكم في حالة سراح. وغاب البقية، ليحاكموا “بحالة فرار”.

منذ اللحظات الأولى، كان التوجّه العام لهيئات الدفاع طلب تأخير القضية، نظرا لتقديم إعلانات نيابة جديدة في حقّ المتهمين، مع الترافع في مطالب الإفراج.

تقدّمت هيئة الدفاع عن الحمزاوي بمطلب مستجدّ، سبقت إثارته في مرحلة التحقيق، تَعلَّق بالدفع بعدم الاختصاص لفائدة المحكمة العسكرية. افتَتَح الأستاذ محمد علي بوشيبة المرافعات بتأكيده أنّ الملف يتضمن أمنيين وعسكريين، وأنّ الوقائع تمسّ رئيس الجمهورية، وبوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة تكون المحكمة العدلية غير مختصة للنظر فيه. مطلب مماثل تقدّمت به المحامية سعيدة قراش، مذكّرة بأن محكمة التعقيب كانت قد حسمت مسألة تنازع الاختصاص لفائدة القضاء العسكري في ما يعُرف بملفّ “مجموعة الـ25″، لأنّ من بين أطراف القضية أمنيين، بناء على فقه قضاء مستقر في هذا الصدد.

المحامية نادية الشواشي، عضوة هيئة الدّفاع عن الحمزاوي، دفعت في نفس الاتجاه، مؤكّدة أنّ الحمزاوي نفسه طلب أمام قاضي التحقيق إحالة الملفّ إلى المحكمة العسكريّة. إلا أن مرافعتها أثارت توترًا واضحا مع رئيس الدائرة الذي قاطعها أكثر من مرة، وقرّر في النهاية رفع الجلسة وسط احتجاج صريح من هيئة الدفاع. عند استئناف الجلسة تدخّل المحامي العروسي زقير، بصفته رئيس الفرع الجهوي للمحامين، منتصرًا للمحامية الشواشي، ومطالبًا بإجراء المحاكمة في كنف الاحترام المتبادل بين الدفاع والمحكمة.

ركّزت المرافعات حول مطالب الإفراج على غياب الأدلّة المادّية، وقيام الملفّ على وشاية ضعيفة المصداقيّة. فقد أشار المحامي يحيى يحيى إلى تضارب شهادة الشاهد محجوب الهوية، في حين ذهبت المحامية لبنى الماجري إلى حدّ التشكيك في المدارك العقلية للواشي، بسبب تهافت أقواله وتناقضها. أمّا رئيس هيئة الدفاع عن الحمزاوي، المحامي سفيان الجريبي، فقد ذكّر بأن الواشي تَراجَع عن أقواله في جلسة الاستنطاق المؤرخة في 26 سبتمبر 2023، حيث صرّح بأنه “لا يجزم بعلاقة الحمزاوي بحادثة الجامع”. وأضاف أنّ قاضي التحقيق نفسه أبدى قناعة بعدم توفّر أركان الجريمة بحق منوّبه.

أما بخصوص المتهم محرز الزواري، فقد ركّز دفاعه على غياب أي أدلة مادية تدينه. حيث أشار المحامي عزوز بن رمضان إلى أنّ جميع الأعوان الذين ذُكِروا في الملف نفوا وجود أيّ تواصل مع المتهم. كما تطرّق إلى الوثيقة المتعلقة بمعلومة نوايا اغتيال محمد البراهمي، مؤكّدًا أن الموضوع قد اتّصَل به القضاء وتمّت تبرئة منوبه فيه، خصوصًا وأنّ الوثيقة أحيلت من إدارة المصالح الخارجيّة إلى المصالح المختصّة، وقد أحالها بدوره إلى المدير العام للأمن الوطني. المحامية إيمان خضر أضافت بأنّ جميع الأفعال المنسوبة إلى الزواري حصلت بعد إحالته على عدم المباشرة، ما ينزع عنه أي صفة قانونية. فيما أشارت المحامية آسيا الحاج سالم إلى وجود تقصير في الجانب الاستقرائي لقاضي التحقيق ودائرة الاتهام من بعده.

كما أشار المحامي محسن السحباني إلى أنّ منوّبه سمير الحناشي يُحاكم في قضية أخرى أمام نفس الدائرة، وهي قضية مؤجلة إلى يوم 8 جويلية 2025، مطالبًا بتأخير الجلسة لنفس الموعد، ومعتبرًا أنّ الإيقاف تجاوَزَ الطابع الاستثنائي وأصبح “القاعدة”، داعيًا إلى احترام حقّ الدفاع.

وفي ختام الجلسة، طالبت المحامية منية بوعلي، نيابة عن عبد الكريم العبيدي، بالتأخير، لتُرفع الجلسة في الواحدة بعد الزوال للنظر في جملة المطالب المقدمة. وقررت دائرة المحكمة بعد سويعات تأخير النظر في القضية إلى 24 جوان ورفض جميع مطالب الإفراج المُقدّمَة. > El Waled: جلسة ثالثة تمهّد للاستنطاقات

يوم 24 جوان، انطلق النظر في ملف “التآمر 2” على الساعة الواحدة بعد ساعات من النظر في ملفات أخرى، تمت جميعها عن بعد، بحضور مماثل للجلسة السابقة.

يلوح في الشاشة الحبيب اللوز على كرسي متحرّك، يسأله رئيس الهيئة عمّا إذا كان عاجزا عن الوقوف ليردّ بأنه أصيبَ بجلطة خلال فترة الاحتفاظ، يعاني اليوم من مخلّفاتها: كفاف في إحدى عينيه و”عرق أسَى” يمنعه من الوقوف، وصممٌ يمنعه من سماع ما يقوله الرئيس بوضوح. طلب اللوز الحضور إلى المحكمة كي يتمكن من سماع القاضي والمحامين، أو على الأقلّ أن يفسّر له أحد الحاضرين حذوه ما يحصل في قاعة الجلسة. يقدّم أحد المحامين إعلام نيابة جديد في حقه، فيسأله رئيس الجلسة ما إذا كان الأستاذ ينوبه، فيجيب الحبيب اللوز: “من هو؟ هل تمّ تسخيره لنيابتي؟ محاميتي إيناس الحرّاث، ألم تحضر؟” تتدخل حرّاث، لتؤكّد لمنوّبها أنها حاضرة وتعلن تخليها عن النيابة لانعدام مقوّمات المحاكمة المعقولة. يسجّل رئيس الجلسة أن المحامية حرّاث تخلّت عن النيابة، لتلاحظ له أنها ذكرت مسببات التخلّي وتطلب تدوين ذلك.

أحيلت الكلمة إلى المحامين، لتتراوح طلبات الدفاع بين تفويض النظر إلى المحكمة بخصوص تأخير القضيّة وطلبات التأخير لاستكمال تصوير الملف والاطلاع على نتيجة التساخير الواردة بعد تعيين جلسة المحاكمة. ممّا جعل رئيس الهيئة يرفع الجلسة للنظر في مطالب التأخير، لتُستأنف بعد ساعة بإعلان قبولها وفتح المجال للسان الدفاع لتقديم مطالبهم الشكلية.

عن المتهم ريّان الحمزاوي، طالبت هيئة الدفاع بعرض المحجوز وتقارير الاختبارات على منوبها والتحرير عليه في خصوص ذلك، وأن يكون التأخير لجلستيْن تُخصّص الأولى لاستنطاق المتهمين والثانية للمرافعات. أمّا عن المتّهم محرز الزواري، فقد طالب الدفاع مجدّدا بالإفراج عن منوبه نظرا لوضعه الصحيّ، وخصوصًا في ظلّ ورود جميع التساخير سلبية في حقّه. في حين جدّد محامو الحبيب اللوز وعبد الكريم العبيدي طلب المحاكمة الحضورية للمتهمين وأن يتم استنطاقهم والمرافعات عنهم في جلستين مفصولتين.

رُفعت الجلسة في حدود الساعة الثالثة والربع بعد الزوال، وقررت الدائرة تأجيل النظر في القضية إلى أول جويلية لاستنطاق المتهمين.

رواية المتهمين تُسمع أخيرًا

انطلقت الجلسة الرابعة على الساعة الواحدة والربع من أول جويلية بحضور نفس المتهمين عن بعد وحضوريا. المستجدّ في هذه الجلسة، تقدّم الأستاذة أحلام التومي محامية يوسف الشاهد، بما يفيد تعقيبها لقرار دائرة الاتهام وطلب التشطيب على اسم منوّبها من الملف على غرار ما قررته نفس الدائرة في قضية التآمر 1 في حق كمال الجندوبي وآخرين. طلبٌ أثار حفيظة الأستاذ أنور أولاد علي الذي اعتبر أنّ قيام نفس الدائرة سابقا بالتشطيب على أسماء متهمين دون التشطيب على الملف برمته “بدعة”. أمّا محامو عبد الكريم العبيدي فقد طالبوا بتأخير الجلسة للاطلاع على مظروفات الملف. في المقابل، تمسّك محامو الحبيب اللوز بأنّ ما يعيشه منوبهم خلال هذه المحاكمة مظلمة، حيث أنه “لا يميّز صوت المحكمة أو المحامين”. وقد أبدت هيئة الدفاع عن الحمزاوي استعدادها للترافع مؤكدة مسايرتها لمطلب بقية المحامين في التأخير.

قبلت الهيئة مطالب التأخير مع اعتبار الجلسة جلسة مرافعة يتم خلالها استنطاق المتهمين وتمكين الدفاع من جلسة أخرى، يحدّد تاريخها لاحقا.

أحيلت الكلمة للمتهمين لتقديم أنفسهم إلى المحكمة، ليتدخل سمير الحناشي قائلا: “أنا أطلب العدالة والإنصاف والمحاكمة أمامكم. احتراما للمحكمة أريد أن أمثل أمامكم حضوريا. وسأمتنع عن الإجابة عن الأسئلة عبر شاشة”.

انطلق الاستنطاق مع المتهم رضا العياري الذي سُئل عمّا اذا كان منتسبا لحزب سياسي، ليؤكد أنه كان له انخراط في حركة النهضة بين 2011 و2013 وأنه لم يكن عنصرا نشيطا في الحزب وانقطعت علاقته به منذ ذلك الحين. وأكّد أن انخراطه كان على سبيل المجاملة وربط علاقات. سُئل كذلك عما ورد في شهادة الواشي حول علاقته بالاستخبارات الإيطالية. فنفى ذلك مؤكدا أنه يسافر في إطار عمله إلى إيطاليا باعتباره صاحب ورشة في مجال النسيج. كما نفى علاقته ببقية أطراف الملف.

ثمّ سُئل المتهم محرز الزواري عن تكوينه العلمي والمهني وملابسات تعيينه مديرا للمصالح المختصة والمهام الموكولة إليه، وبالأخصّ عن شبهة تورطه في إخفاء الوثيقة الاستخباراتيّة المتعلقة بإمكانية اغتيال الشهيد البراهمي. فأكّد أنه قضى 19 عاما في الإدارة العامة للمصالح المختصة التي تقوم بجمع المعلومات المتعلقة بأمن الدولة الداخلي والخارجي، توجت بتوليه منصب المدير العام فيها. كما شدّد على أنّه تلقى الوثيقة الاستخباراتية وأحالها لمن لهم النظر ليتمّ حفظها لاحقا بإدارة الأمن الخارجي وليس بإدارة فرعية، كما في سؤال المحكمة، منكرا بذلك اختفاءها، ومؤكّدا أنّ مهامّ الإدارة العامّة للمصالح المختصة تقتصر على استقاء المعلومات وتمريرها إلى الإدارة ذات النظر. > El Waled: يقاطع محامو الزواري الاستنطاق مؤكّدين أن الأفعال التي يُسأل عنها منوبهم اتصل بها القضاء وقد تم طرحها سابقا في إطار قضية اغتيال الشهيد البراهمي وتمّ حفظها في حقه. ليردّ رئيس الهيئة بأنّه من حقه طرح الأسئلة التي يراها مناسبة وما على لسان الدفاع سوى التمسك باتصال القضاء في مرافعاتهم في الجلسة الختامية.

كذلك سُئل الزواري عن علاقته ببقية المتهمين في الملف وبالتحديد نادية عكاشة وفتحي البلدي وعلي العريض (الذي حفظ قاضي التحقيق التهم في حقّه)، وبالشاهد طارق باكير. إذ واجهته المحكمة بوثيقة “مرسلة من قبل نادية عكاشة” تتعلق بالإجراءات المرتقبة يوم 25 جويلية 2021 دوّن عليها سرّي مطلق، فأجاب لسان الدفاع بأنّ تقرير الاختبار يوضّح أنّ الوثيقة عُثر عليها مخزّنة في هاتفه بتاريخ ديسمبر 2021 وليست مرسلة من عكاشة للمتهم وأنّها منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي ومشكوك في صحّتها. وعن سبب تحوله إلى قطر وليبيا في سنوات 2012 و2013، أجاب المتهم أنّه تنقل مع وزير الداخلية علي العريض في إطار مهمات رسمية وأنه سافر إلى دول أخرى في إطار عمله. كما أنكر الزواري تكوينه لفوج من 17 عونا يعمل تحت إمرته لصالح حركة النهضة. كما سئل عمّا إذا كان أذن بالانسحاب من محيط جامع الفتح إبان محاولة إلقاء القبض على أبي عياض فأنكر ذلك مؤكدا أن لا صلاحية له للتحرّك على الميدان وإعطاء مثل هذه الأوامر. كما فسّر تمكنه من الفرار بأنّ المعلومات التي وردت من داخل الجامع كانت ترجّح وقوع حمام دمّ في صورة اقتحامه، نظرا لوجود عناصر مسلحة وسط المدنيين داخله. كما سُئل عن حادثة الاعتداء على منزل وزير الداخلية السابق لطفي بن جدو ليؤكد أن لا علاقة له بذلك كما تجمعه علاقة طيبة بالوزير المذكور. ليلاحظ لسان الدفاع أنّ أسئلة المحكمة موجهة حصرا للإدانة.

سُئل عبد الكريم العبيدي عن مساره المهني والمناصب التي تولاها (ومن بينها رئاسة فرقة حماية الطائرات) وعن علاقته ببقية المتهمين. فأجاب بعدم وجود أيّ علاقة مع كمال بن البدوي، وأنّه قابل سمير الحناشي مرّة سنة 2012 أثناء حضوره مع رئيس الحكومة بصفته مستشارا له، وأنه لم يعرفه إلاّ ابّان مناداة المحكمة على اسمه، وأنّه يعرف كمال القيزاني بحكم عمله وأنّ بينهما علاقة عداوة، وأنه يعرف فتحي البلدي ومحرز الزواري بحكم الزمالة. كما نفى وجود علاقة مقرّبة من علي العريض، وشدّد على أنّ الترقيات التي تحصّل عليها قانونية، منها ما تمّ تحت عنوان تسوية الوضعيات أسوة بأبناء دورته؛ مشيرا إلى أنّ فاطمة المسدي ادّعت ذلك في إطار قضية “الأمن الموازي” وهي ادعاءات كيدية. كما أكّد أن لا علاقة له بحركة النهضة، مفسّرا أنّه بحكم شغله لعدّة مناصب في وزارة الداخلية طيلة 30 سنة تعامل مع كل الأحزاب الحاكمة، من دون أن يكون منتسبا لها سياسيا. سُئل كذلك عن صورة له في قاعة التشريفات بالمطار مع راشد الغنوشي ويوسف القرضاوي، فأكّد أنها التقطت له وهو يخاطب أحد العسكريين الحاضرين وهم بصدد تأمين سلامة الشخصيات الوافدة على المطار، وأنّ ذلك يدخل في علائق وظيفه. سُئل العبيدي كذلك عن سبب وجوده في محيط جامع الفتح إبّان محاولة القبض على أبي عياض، فأجاب أنّه يصلي أحيانا هناك وكان يومها متواجدا في مقهى قريب في انتظار الصلاة ليفاجأ بمحاصرة فرق أمنية للجامع بسبب تواجد عناصر إرهابية بداخله. وعن سبب تواجده كذلك في روّاد أثناء عملية القضاء على مجموعة ارهابية من بينها كمال القضقاضي، أكّد أنه يقطن بالمنطقة المذكورة وتوجه إلى المكان عندما علم بإطلاق النار، لاستجلاء الأمر. وعن سبب وجود اتصالات متكررة مع قيادات بحركة النهضة على غرار معاذ الغنوشي وعادل الدعداع وحسن البلدي، أجاب أنها تندرج في إطار تبادل التهاني في الأعياد والمناسبات، باعتبارهم ينتمون للحزب الحاكم وقتها، بما يفرض عليه كأمني التعامل معهم. قال العبيدي: “إبّان الثورة وتحت حُكم حركة النهضة، قالوا أن عبد الكريم العبيدي تابع للنظام السابق، وبعد 25 جويلية قالوا أنني تابع لحركة النهضة… تعاملي مع كل نظام حكم أمر حتمي في إطار المهام الموكولة إليّ. هل تدرون سيدي الرئيس من سيحلّ مستقبلا ليتّهم من يعملون اليوم أنهم يتبعون النظام السابق ويجب محاسبتهم؟”. أكّد العبيدي أنّ شهادة الواشي في حقّه كذب وافتراء، وهي شهادة كيديّة نظرا لوجود خلافات بينه وبين نقابة الأمن في المطار حينها، فسّرها بأنّه قام أثناء عمله بمكافحة عصابات تهريب الأموال عبر المطار.

استؤنفت الجلسة قرابة السادسة والنصف مساء، باستنطاق ريان الحمزاوي. سُئل الأخير، بخصوص علاقته بنادية عكاشة، عن سبب إرسال إحدى معارفه تدوينة لنادية عكاشة مفادها استقالتها للتثبت من صحّة الخبر، فأجاب بأنها صديقة وتقدمت بسؤال عادي علّه يعرف الإجابة. > El Waled: كما جوبه بوجود رسالة نصية واتصال مدته 191 ثانية مع نادية عكاشة يعودان إلى ديسمبر 2019، فأكّد أنه فعلا قد أرسل لها رسالة يعرّف بها بنفسه ثمّ اتصل بها لتهنئتها على توليها منصب مستشارة قانونية برئاسة الجمهورية، وأنّه بعد ذلك لم يتصل بها بتاتا وهو ما أثبتته التساخير السلبية؛ مضيفا أنه تعوّد على الاتصال بكلّ أبناء بلدية الزهراء الذين يتولون مناصب، خصوصا منذ توليه رئاسة البلدية. كما سئل عن سبب ورود اتصالات من رئاسة الجمهورية على هاتفه، ليجيب بأنّها كانت للإشادة بما قام به خلال فترة الحجر الصحي على غرار إنشاء مستشفى ميداني وعرض تقديم يد العون، وأنه تلقى اتصالات مماثلة من رئاسة الحكومة حينها. أمّا اتصاله مع رئيس الحكومة الأسبق هشام المشيشي، فكان لتهنئته بمنصبه باعتباره هو الآخر ابن بلدية الزهراء، وحثه على حلحلة مشكلة تلوث البحر فيها. وبخصوص كاميرات المراقبة غير التقليدية التي وُجدت في محلّ سكناه، أكّد أنه اشتراها للتقصي في شبهة سرقة في المصنع ولم يستعملها، كما ظهر في النتيجة السلبية للاختبارات. أخيرا، سألت المحكمة الحمزاوي عن دافع الشاهد لربطه بماهر زيد ونادية عكاشة وكمال بن البدوي، ليردّ بأنّه لا يعرف، خصوصا وأن هوية الشاهد محجوبة، مشدّدا على عدم وجود علاقة له بالأسماء المذكورة، باستثناء خصومة سابقة مع نادية عكاشة وصلت حدّ التقاضي.

أمّا المتهم سمير الحناشي، فقد ذكّر بأنه يريد أن يتمتع بمحاكمة حضورية ولن يجيب على الأسئلة عن بعد. أحيلت بعد ذلك الكلمة للحبيب اللوز، مع الإشارة إلى أحد الأعوان في غرفة البث ليعيد له ما يُقال في الجلسة. صرّح اللوز: “وضعيتي حرجة… أدخل بيت الراحة على يديّ… لا أقدر على الوضوء فأتيمم…درجة إدراكي ووعيي ضعفت… أذني بها عصب مسدود لا تسمع والأخرى تسمع قليلا… أتوهم بأني فهمتك وقد أجيب خطأ فأعكّر وضعيتي… المساجين منزعجون مني… لا بدّ من حلّ استثنائي في حقّي… من غير المعقول ومن الظلم أن أستنطق على هذه الحال”. يتشاور أعضاء المحكمة لثوانٍ ويعلو صوت الرئيس: “قرّرت المحكمة التمادي في الاستنطاق، ورَفَضَ المتهم…”. يستدرك الحبيب اللوز: “ليس رفضا للاستنطاق… أنا عاجز”. يدوّن ذلك في المحضر وترفع الجلسة قرابة الساعة الثامنة، مع تأخيرها ليوم الجمعة من نفس الأسبوع.

الجلسة الخامسة: الكلمة للسان الدفاع

انطلقت جلسة المرافعات يوم 4 جويلية 2025 على الساعة الواحدة بعد الزوال. وقد افتُتحت بمرافعات هيئة الدفاع عن المتهم محرز الزواري، التي تمسّكت بأنّ الوثيقة المتعلقة بإجراءات 25 جويلية الموجودة بهاتف منوبهم لا تكتسي صبغة السرية ولم تُستخرج في إطار تواصل مع نادية عكاشة، بل هي منشورة ومتاحة للعموم. واستشهدت لإثبات ذلك بمقطع مصوّر من برنامج في إذاعة موزاييك أف أم، تمّ فيه التداول بشأن هذه الوثيقة والتشكيك في مدى صحتها. وقد تمسّك الأستاذ المصمودي بعرض هذا المقطع على المحكمة بواسطة مكبر صوت، إلاّ أنّ الأخيرة رفضت بثّه، ليتم لاحقًا تقديم مفتاح إلكتروني يتضمن الفيديو كمؤيد أُرفق بملف القضية. كما أكدت هيئة الدفاع خلوّ ملف القضية من أيّ دليل على علاقة للمتهم بحركة النهضة. وأشارت بالأخصّ إلى أنّ الأسئلة الموجهة إليه تتعلق بأفعال تعود وقائعها إلى سنوات 2012 و2013، سبق أن خضع بشأنها للتحقيق وحُفظت جميع التهم في حقّه، مستظهرين بقرار تعقيبيّ يثبت اتصال القضاء في خصوص الأفعال المنسوبة إليه. كما شدّدت الأستاذة آسيا الحاج سالم على أنّ هذا الملفّ يندرج ضمن قضايا ذات طابع سياسي، غايتها محاسبة حقبة تاريخية بأكملها، وليست محاكمة على أفعال شخصية أو جزائية ثابتة.

أما هيئة الدفاع عن المتهم ريان الحمزاوي، فقد تمسّكت بأنّه أُقحم في هذه القضية استنادًا إلى وشاية كيدية صادرة عن شاهد محجوب الهوية، فاقدة للمصداقية خصوصًا مع تراجع الشاهد عن جزء منها أثناء استنطاقه من قبل قاضي التحقيق. وأكدت عدم وجود أي دليل مادي على صلة مباشرة أو غير مباشرة بين الحمزاوي وكلّ من ماهر زيد ونادية عكاشة وكمال بن البدوي، مشيرة إلى أنّ جميع التساخير المجراة على هاتفه المحمول واتصالاته قد جاءت سلبية، باستثناء رسالة واتصال وحيدين مع نادية عكاشة لتهنئتها بتعيينها في رئاسة الجمهورية. وقدّمت هيئة الدفاع معاينات تفيد بوجود خصومة سابقة له مع عكاشة، وكذلك مع مسؤولين جهويين في ولاية بن عروس، هدّدوه صراحةً بـالزجّ به في السجن.

كما تساءل لسان الدفاع عن مدى مشروعية اعتماد المحكمة على شهادة الواشي، في ظل غياب أي تقاطع أيديولوجي، مصلحي أو سياسي بين منوبهم وبقية أطراف الوفاق المزعوم، معتبرًا أن الركيزة الأساسية للاتهام تفتقر إلى الحدّ الأدنى من الانسجام المنطقي والوقائعي. وتم الترافع مطوّلا في عدم قانونية المحاكمة عن بعد وضربها لمقوّمات المحاكمة العادلة.

المفكرة القانونية

تونس والقضاء الجائر
Ameur 16 يوليو 2025

علامات التصنيف