في الساعة 4:55 صباحاً: الديكتاتورية تُوقّع جريمتها
كـاللص، كالجبان، كنظام يخجل من أفعاله، اختار الحكم التونسي ساعة الظلام – الساعة 4:55 صباحاً – لينشر عبر وكالة الأنباء الرسمية (TAP) أحكاماً ظالمة في ما يُسمّى زوراً بـ«قضية التآمر على أمن الدولة».
هذا ليس حكماً قضائياً، بل هو اغتيال قضائي. ليست هذه عدالة، بل أوامر سياسية نفذها قضاة خاضعون، ووكلاء جمهورية متواطئون، ووزيرة عدل تحوّلت إلى ذراع تنفيذية لطاغية مهووس بالسلطة.
أربعون معارضاً، من رموز المجتمع المدني، وزراء سابقون، نشطاء، صحفيون، محامون، يُزَجّ بهم في السجون بعد محاكمة مفبركة من ألفها إلى يائها. لا دليل مادي واحد، لا مواجهة، لا احترام لأبسط قواعد المحاكمة العادلة. الشاهد الرئيسي؟ مجرم مدان في قضايا حق عام، أُعيد تدويره كمخبر على يد قاضٍ هارب وملاحق اليوم هو نفسه... بتهمة التآمر.
هذه المحاكمة إهانة للعقل، صفعة في وجه القانون، وبصقة على وجه دولة القانون.
ولتكملة هذه المهزلة الدموية: جلسة عن بُعد، مغلقة رقمياً. محاكمة جرت من خلف الشاشات، دون حضور المتهمين، بل وحتى أحياناً دون علمهم أو إخطارهم القانوني. قضاء يُمارَس خلف الأبواب الموصدة، بلا وجوه، بلا عيون، بلا ضمير.
هذا القضاء ليس إلا آلة لسحق المعارضين. قضاء تحوّل إلى فرقة إعدام قضائي. قيس سعيّد، الذي تجرأ علناً على وصف المتهمين بالإرهابيين، أصدر عليهم حكمه مسبقاً. ومن يدافع عنهم، في نظره، شريك في "الجريمة". نحن في نظام أصبح فيه الرئيس القاضي، والجلاد، والمحرّض في آن واحد.
السلطة عارية. لم يتبقَّ لها سوى الخوف، والقمع، والمسرحيات القضائية الرخيصة. لا أفكار، لا مشاريع، لا شرعية. لم يتبقَّ لها إلا العنف السلطوي وأحكام الفجر.
لكن عليهم أن يسمعوا جيداً: هذا الحكم لن يُعترف به أبداً. هذه المحاكمة مزيفة. هذا النظام فاقد للشرعية. ولن ننسى شيئاً. من خانوا العدالة، من داسوا على الحريات، من فبركوا هذه القضية الدنيئة، سيُحاسَبون، يوماً ما، أمام التاريخ، وربما أمام قضاء حقيقي، مستقل هذه المرة.
اليوم، الإرهابيون الحقيقيون هم هؤلاء الذين يرعبون الحرية، يخطفون العدالة، ويستميتون في سحق الكلمة الحرة.
في الساعة 4:55 صباحاً، ظنوا أنهم دفنوا المعارضة. لكنهم لم يفعلوا سوى التوقيع على نهايتهم المحتومة.