تخطي للذهاب إلى المحتوى

ابن خلدون والطائفة الوطدية .. خَدَمٌ الاستبداد وعبيدٌ الفساد في البلاد

6 فبراير 2025 بواسطة
ابن خلدون والطائفة الوطدية .. خَدَمٌ الاستبداد وعبيدٌ الفساد في البلاد
Admin press

كلنا يعلم أن ابن خلدون يفسر سقط الاوطان بعلتين كلتاهما تعود إلى علاقة علم النفس اصحاب القوة السياسية وعلاقتها بإرادة التفرد في الجماعة وأصحاب القوة الخلقية وعلاقتها بإرادة التفرد.

وكلتاهما يسيمها حب التأله عند الإنسان ويناظرهما نتقيضاهما ممن يستغلون هذين الميلين للتأله فيقبلون أن يكونوا في خدمتهم وهم من يسيمهم الموالي ممن يتميزون إما بما يغني الحكام عن اصحاب التأله المقابل أو من يغني هؤلاء عن اصحاب التأله الأول.

أشار ابن خلدون إلى ظاهرة حب التأله عند الحكم. وعلامته التفرد والتخلص ممن اسسوا الدولة معه من اقاربه أو من عصبيته ويتسعيض عنهم بالموالي الذين لا يتجاوز في البداية دورهم الخدمة والسمع والطاعة ولا يطمحون في المشاركة في الحكم.

ويمكن أن يشير إلى ذلك عند المرور  بمرحلتين الأولى ذات علاقة بالمساعدين في خدمة الدولة دون طموح للمشاركة في السلطة لأنهم ليسوا من عصبية مؤسسيها ولأن لهم الكفاءة الممكنة من الخدمة: وهو ما حصل في إدارة الخلافة إلى بداية تعريب الإدارة والعملة.

والثانية تترتب عليها وعلى رفض المشاركين في تأسيس تفرد الحكام بالسلطة وتفضل الموالي عليهم بسبب خضوعهم وطاعتهم للمسدبين . وتلك هي بداية هيمنة الموالي وهو مما حدث خاصة في الخلافة العباسية., وإليها تنسب نكبة البرامكة مثلا.

وينسب إبن خلدون موقف المنتسبين لنشأة الدولة ولعصبية الحاكم إلى نفس ما يصف به الحكام وهو حب التأله أي إنهم يريدون منافسة الحكام المتألهين أي طالبي التفرد. فرفضهم مبني إما على دورهم سلفهم في نشأة الدولة أو على كفاءتهم في المجالات التي تحتاج إليه الدولة واستبعادهم للجمع بين الصفتين.

عندئذ يبدأ خراب الدولة لأن الموالي يصبحون سادة بعد أن كانوا عبيدا والحكام يكتفون بالاستمتاع بثمرات السلطة المادية دون سلطان فعلي علي الدولة التي تتحول إلى أداة استعباد عام للشعب واستغلاله من الموالي المسيطرين على المال والجيش والإدارة.

فينتقل الموالي من الخضوع لتفرد الحكام إلى حكام متفردين بالفعل وإن ابقوا على الحكم الرمزي إما للوارثة في العرب أو بصورة أخص للوراثة في آل البيت عند الشيعة فيتم استبعاد من عداهم وخاصة من له طموح المشاركة في السلطة.

وهذان المرحلتان تنطبقان على حالة الوطد ولكن من دون أن يكون لهم ما يصفه ابن خلدون من كفاءة في الإدارة وتسيير الدول رعاية وحماية خدمة لحكام يمثلون"شرعية" دينية أو عرقية بل هم يعمدون في الحالتين بوظيفتين كلتاهما نراها بالعين المجردة في جل نخب العرب الحاليين

وهو ما لا يصح على نخب الاجيال الأولى من النخب العربية التي جمعت بين الثقافتين العربية الاسلامية التقليدية والغربية الحديثة. فجمعا بين الثقافتين الاصيلة الحديثة والغربية جعلها وكانها في حل مما آل إليه حال الأجيال التي تدعي الحداثة دون أن تكون قد حصلتها منها جوهرها فضلا عن فقدانها للأصالة.

فهم لم يعيشوا تجربة مقاومة الاستعمار ولم يعيشوا من الثقافة الغربية الحديثة إلا قشورها التي يمثلها المستعمر المقيم في بلادنا وهم في الغالب من حثالة الغرب التي جمعها الاستعمار لتوطيد الاحتلال وليس لتمثيل ثقافته.

وتنقسم هذه الطاائفة في الغالب إما للأسر التي كانت في خدمة هذه الحثالة الربية أو التي مكنها التعامل مع المحتل من التحول إلى أهم ادواتها في توطيد سيطرته على المستعمرات:

ومن ذلك ظاهرة التجنيس التي مثلت إحدى المعارك الشهيرة في بلاد المغرب العربي ومثلها في المشرق وخاصة في الشام الكبير وفي العراق مع بعض اغنياء الخليج منذ سيطرة البترول والغاز.

وهذه الطائفة تتألف إذن إما من "مثقفين" مستلبين لم يتجاوز فهمهم ثقافة الغرب فهم طه حسين أي وضاعة ا حتقار ثقافة الشرق إلى حد محاولة نسبة مصر إلى اوروبا بدلا من نسبتها إلى الشرق الإسلامي وغالب من نسميهم "اسلاموولجيين " هم من هذا الجنس وغالبهم معقدين إلى حد ادعاء ما الجميع يعلم أنهم ابعد الناس حيازة له.

والنوع الثاني هو كل الفلسفة في التكوين المدرسي والأكاديمي من اجيال رواد المقاهي والحانات وكتاب التقارير للداليات والقوادة للاستعمار من جنس الحركيين في الجزائر والصبايحية في تونس والعياشة من الموظفين بالاكتاف والمسيطرين على الأعلام بو دورو والعلم بأقل من دورو,.

لكن المشكل هو الظاهرة التي وصفها ابن خلدون في البداية: والمثال هو ما حصل في الانقلاب الاخير الذي أوصل صاحب الصواريخ المنصوبة التي عملت في تونس أكثر من صواريخ ناتن ياهو في غزة:

فما هدم فيها قابل للعلاج السريع لأنه احيا الأرواح وإن هدم العمران وضحى ببعض الإنسان. لكن ثورة الطوفان أنهت الصيهونية ماديا في فلسطين وروحيا في العالم الغربي نفسه.

لكن صواريخ الانقلاب في تونس علاج اثرها لا يمكن أن يكون سريعا لأنه ضاعف حصيلة المرتين السابقتين مرحلة ابن علي ومرحلة بورقيبة في قتل الارواح ولم تحقق من العمران إلا شروط تخريب الإنسان وقتل كل شروط الاستئناف بحيث إن تونس صار على هامش تاريخ دار الإسلام ولا ذكر لها في ما يعتمل في الاقليم.

ما عليه تونس حاليا هو ما يترتب على سرطان الوطد واصحاب البسكلات واصحاب البراميل وكل من لا يعيش إلا حالة التخثر الجرثومي الذي ليس له مثيل إلا ما رأيناه في نصف قرن من حكم النعجة وابيه ما عاشته سوريا من الصواريخ المنصوبة لتفتيت لحمة الجماعة.

سمعت ذلك المتدايك الذي يدعي نقد منجزات الرئيس ونسي أن يقول إنه حتى لو كان من القادرين على الانجاز فمن يكون جيشه مؤلف من أمثال هذا المتداك وبعض المنتسبين إلى اتباع اتباع المالي والخاضعين لبقاء الاستعمار الفرنسي لا يمكنه

إلا أن يكون عقيما في كل ما يبادر إليه مما لا يتجاوز تخريف الكثير ممن عرفت خلال عملي استاذا للجيل الذي اثمرته مدرسة تجفيف المنابع والأصالة وتخريب المدافع والحدثة كالبعض من درستهم سنة 77 بالذات ممن صاروا نجوما في ثقافة الباكلوريات المضروبة.

فقدت الجامعة دورها وفقد المجمع رعايته تسيب الماء على البطيخ وانهارت الاسر وكثرت العوانس وامتلأت المقاهي والملاهي فانهارت التجارة بكل القيم وقتل الزرع والذرع وانتشرت سياحة "بدورو" لمتع عجاز الغرب في مجتمع لم يعد قادرا حتى عى انتاج غذائه

ناهيك عن شح مائه واستحالة انتاج دوائه ففقد كل مناعة وصار مجرد بضاعة حياته تتحدد بين ساعة وساعة بحسب أكاذيب دجالة الإذاعة. فما رأيت في العالم وقد تجولت في الكثير منه وضعية بلغت شعوبهم ما بلغ إليه شعب تونس الذي كان سباقا على الاقل في بداية تجارب النهوض التي كان لها فيها الريادة حتى إنها شاركت في كل حروب الأقليم ودار الإسلام وخاصة فلسطين وليبيا والجزائر.

اليوم هي تعيش في "داموس" الهروب من مسؤولية شعب أشد الشعوب العربية شوقا للمشاركة في المعارك الاستئنافية التي صرت اخشى عليه من الاضطرار إلى الانفجار يوما ما فيحصل ما لا يحمد عقباه

لأن سكوت الشعب قد يوهم المنقلب بأنه ربح المعركة ولا يري أنها يشارك بصواريخه في اغراق السفينة معه لأنه يتعلم الملاحة مع فريق الوقاحة بدلا من يستفيد من دروس التاريخ:

سكوت المقاومة لا يعني استسلامها بل لأن الخوف على سلامة تونس هي الحائل دون ايقاعها في ما اعد هو وجماعته من الصواريخ المنسوبة والهزات المكلوبة بالعقليات المقلوبه. ذك ما كنت انوي قوله يوم 14 عيد الثورة آخر نصيحة من القلب.

لكن الظرف حال دون تمكيني من الكلام. ولعل فيها خير لأن الاحداث بينت أن الجماعة ما زالوا زايدين القدام. فمن عجز عن "تشطيب" قدام داره يريد تحرير العالم بفكر يدعيه جديد وهو أقدم من الفكر البدائي للكتاب الاخضر ولتخريف الموالي الذين انتهى عهدهم بعد أن تحرر منهم الهلال وسيتلوه كل من له عقل وتحرر من الخبال.


كتبه أبو يعرب المرزوقي بتاريخ 06 فيفري 2025


ابن خلدون والطائفة الوطدية .. خَدَمٌ الاستبداد وعبيدٌ الفساد في البلاد
Admin press 6 فبراير 2025

علامات التصنيف