دعت جبهة الخلاص المعارضة في تونس إلى تنظيم وقفة احتجاجية وسط العاصمة، غداً الأربعاء، الذي يوافق ذكرى الشهداء في 9 افريل من كل عام، وذكرت الجبهة في بيانها، أن هذه الدعوة تأتي "احتجاجاً على ما آل إليه الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، والاعتداءات المتكرّرة على حقوق الإنسان والحريات، والمطالبة بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين وسجناء الرأي، وتضامناً مع الشعب الفلسطيني أمام ما يتعرّض له من إبادة جماعية".
وعبّرت الجبهة عن "تضامُنها الكامل مع المعتقل السياسي جوهر بن مبارك الذي دخل في إضراب مفتوح عن الطعام منذ صباح يوم الأحد 30 مارس احتجاجاً على تغييبه عن محاكمته، والإصرار على سياسة التعتيم في جلسات ما يُعرف بـ"قضية التآمر"، واعتبرت الجبهة في بيانها أن "هذه الإجراءات تمثل استهدافاً للمعارضة السياسية، وتنكيلاً بالحقوق السياسية والمدنية".
وأكدت الجبهة "رفضها القاطع للتدخلات السياسية في القضاء"، مشيرة إلى أن "السلطة التنفيذية تسعى إلى وضع يدها على المحاكم، وتستخدم أساليب الترهيب، عبر إعفاء القضاة ونقلهم تعسفياً"، كما دعت إلى "بثّ المحاكمات مباشرةً على التلفزيون الوطني، لضمان اطّلاع الرأي العام الوطني والدولي على حجم المغالطات التي يجري ترويجها من السلطات"، وناشدت الجبهة "جميع أنصار الحرية من مختلف مكونات الطيف السياسي والمجتمع المدني، للتجند يوم 11 افريل، للمطالبة باحترام ضمانات المحاكمة العادلة، ورفض توظيف القضاء في الخصومات السياسية".
من جانب آخر يَمثُل، اليوم الثلاثاء، وزير العدل الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري، أمام محكمة الاستئناف بسبب تدوينة على فيسبوك، تصفها حركة النهضة بـ"التدوينة الوهميّة"، وتؤكد أنه "سبق وأن صدر ضدّه فيها حكم ابتدائي جائر بعشر سنوات سجناً"، وجددت حركة النهضة في بيان لها، أمس الاثنين، إدانتها الشديدة للحكم الظالم في حقّ البحيري، الذي غابت فيه أبسط شروط المحاكمة العادلة كما وضّحته مراراً بيانات هيئة الدفاع عنه، مشددة على "ضرورة التحقيق في ما رافق عملية إيقافه من عنف شديد تسبب في كسر كتفه، واحتجازه قسرياً قبل الاحتفاظ به".
وطالبت النهضة بـ"الإفراج الفوري عن البحيري والكفّ عن التنكيل به، خاصة بعد ما بينه أعضاء هيئة الدفاع والاختبارات الفنية من عدم ثبوت التدوينة، وغياب أي عمل مادي يقصد منه تبديل هيئة الدولة"، ودعت الحركة إلى "احترام حرية الرأي، وممارسة النشاط المعارض السلمي المكفول بكل الدساتير والمواثيق الدولية".
وفي السياق، أكد القيادي البارز في حركة النهضة وجبهة الخلاص رياض الشعيبي أنه "في ظل وجود سلطة لا تتفاعل مع كل النداءات التي توجه إليها، لا يبقى للمعتقل السياسي غير جسده وحياته يضعها على المحكّ من أجل إيصال صوته، لذلك نرى جوهر بن مبارك أستاذ القانون، وهو يرى الانتهاك الصارخ لحقوق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة، خاصة بإقرار المحاكمة عن بعد، وحجب حق المواجهة أثناء المحاكمة، والذي لم يبقَ أمامه إلا خوض هذا الإضراب".
وقال الشعيبي "في هذه المناسبة، أتوجه إليه باسمي وباسم كل أصدقائه الأحرار لإيقاف هذا الإضراب، محافظةً على حياته وصحته، ونعده في المقابل أنّنا لن نفرّط في حقه، وحقوق كل المظلومين، وفي المطالبة بإطلاق سراحهم جميعاً، واستئناف المسار الديمقراطي"، وعن عودة جبهة الخلاص الوطني إلى الاحتجاج في الشارع مجدداً، قال الشعيبي: "تواصل الجبهة نضالها تنديداً بالتراجعات الخطيرة عن المكاسب الديمقراطية في البلاد، ومطالبة بعودة المسار الديمقراطي، وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، وفي الوقت الذي كنّا نتمنى فيه أن نرى وحدة وطنية حقيقية إزاء المخاطر والتحديات التي تواجه بلادنا والمنطقة، نجد أنفسنا إزاء خطاب سلطوي؛ تقسيمي وإقصائي ومتوتر تجاه كلّ مختلف عنها".
وأضاف الشعيبي: "لذلك، نعود إلى الشارع من جديد لإيصال صوتنا الرافض لسياسة السلطة، والمطالب بالكفّ عن العبث بمصالح البلاد ووحدة شعبها، وللضغط لاستعادة كل المكاسب الديمقراطية التي ارتدت عنها سلطة 25 جويلية 2021"، وأوضح المتحدث أنّ "المشكلة هي أنّ هذه السلطة أدخلت البلاد في نفق مظلم من الأزمات المركّبة الاقتصادية والسياسية والمجتمعية، وحتى الخارجية، التي من المفترض أنها من أكثر السياسات ثباتاً لدى كل الدول".
وعن المحاكمة الثانية المنتظرة في ما يُعرف بقضية التآمر على أمن الدولة المنتظرة في 11 إفريل، قال الشعيبي، وهو ملاحق في القضية بحالة سراح، "ستكون الجلسة الثانية في قضية التآمر يوم الجمعة المقبل، لكن هيئة المحكمة رفضت كل مطالب الدفاع، سواء بالتجريح في نفسها (التخلي عن النظر في القضية)، أو بإلغاء قرار المحاكمة عن بعد، لتناقضه مع إرادة المعتقلين وشبهة التوظيف السياسي، والإفراج على المعتقلين، نظراً لمرور أكثر من سنتين على إيقافهم، وعدم وجود مبرر حقيقي لذلك غير التشفّي والتنكيل".
وتابع: "للأسف، هيئة المحكمة لم تستجِبْ لأيٍ من هذه المطالب التي تقدم بها أكثر من مئة محامٍ واكبوا الجلسة الأولى، لذلك لا نتوقع كثيراً من الجلسة الجديدة، ونتجه، نحن المتهمون في حالة سراح، لمقاطعتها وعدم حضورها، أولاً تضامناً مع المعتقلين المبعدين عن جلسة المحاكمة، كما أننا لم نتلقَ استدعاءات لحضور الجلسة كما ينصّ على ذلك القانون".
وعن مثول وزير العدل الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري أمام محكمة الاستئناف اليوم، أشار الشعيبي إلى "أننا دخلنا هذه السنة موسم المحاكمات السياسية بعد إيقافات استمرت لأكثر من سنتين، لذلك تعددت جلسات المحاكمات، وبدأت تصدر أحكامها الجائرة، من ضمن ذلك الحكم ابتدائياً على البحيري بـ10 سنوات سجناً من أجل تدوينة لم تتمكّن المحكمة من إثباتها، ويَمثُل من جديد أمام محكمة الاستئناف بعد أن طعن في هذا الحكم".
واعتبر المتحدث أن "كلّ مجريات هذه المحاكمات تؤكد مسألتين في ما يرتبط بسياسة السلطة في ما يتعلق بهذه المحاكمات، أولها ضغط السلطة على القضاء، وتطويعه للتعجيل بإصدار الأحكام النهائية في هذه القضايا دون منح الوقت الكافي لإجراءات الدفاع، وثانيها إصدار أحكام قاسية لا تتناسب مع التهم الموجهة للمعتقلين، تنكيلاً بهم، وتخويفاً لكل الناشطين من عاقبة مواقفهم المعارضة لها".
العربي الجديد