أكد تقرير أفريقي تعطّل تهريب الكوكايين إلى الأراضي الليبية عبر شمال النيجر وبدرجة أقل شمال مالي بسبب التغييرات الجذرية في الصراع والمشهد السياسي في منطقة الساحل منذ العام 2023، وفي ليبيا في جانفي 2025، فضلا عن إغلاق قاعدة برخان الفرنسية الأمامية في ماداما شمال النيجر، وانخفاض المراقبة الدولية لاحقا.
وتحدثت جريدة «بريميوم تايمز» النيجيرية عن «تعزيز سلطة القوات التابعة للقيادة العامة في جميع أنحاء فزان وجنوب برقة، مما خلق بيئة أكثر استقرارا حدت من الاتجار بالكوكايين»، ومع ذلك اتهمت «شخصيات ليبية بالتورط في حماية تجارة المخدرات».
يشار إلى أن القيادة العامة أجرت في يناير الماضي تعديلا في هيكل القوات التابعة لرئاسة أركان القوات البرية بالمنطقتين الجنوبية والوسطى، وتضمن التعديل حل «اللواء 128» معزز بقيادة اللواء حسن الزادمة، وتأسيس لواءين جديدين في سرت والجفرة.
وأضافت الجريدة النيجيرية في تحقيق نشرته اليوم الإثنين أن الانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر في يوليو 2023 أدى إلى تعطيل نظام الحماية القائم منذ فترة طويلة الذي مكّن العديد من المتاجرين من العمل في تهريب المخدرات مع درجة عالية من الإفلات من العقاب.
انتعاش تجارة الكوكايين شمالًا عبر منطقة الساحل إلى ليبيا
وتقع دول منطقة الساحل عند مفترق الطرق التي تربط غرب وشمال أفريقيا، وقد كانت محطة منذ فترة طويلة لتهريب الكوكايين وراتنج القنب، وخاصة إلى أوروبا. وفي حين أن راتنج القنب أكثر بروزًا من حيث الحجم، فإن إغراق المنطقة بمادة الكوكايين لم يجر تسليط الضوء عليه كثيرا.
وكشف التحقيق أنه ما بين عامي 2019 و2023، حسب الأدلة المتاحة، أشارت إلى انتعاش تجارة الكوكايين شمالًا عبر منطقة الساحل إلى ليبيا ثم أوروبا. وازداد استهلاك مسحوق الكوكايين ومخدر الكراك في أجزاء من منطقة الساحل، وأفادت العديد من الجهات المعنية القريبة من التجارة بتزايد التدفقات، كما هيأت التطورات الإقليمية الأوسع ظروفًا مواتية لانتعاشها.
وزيادة على ذلك، وعلى الرغم من أن الكوكايين يعد مؤشرا غير موثوق به لحجم الاتجار، فإن عمليات ضبطه التي تتركز في النيجر وبوركينا فاسو ومالي ارتفعت من متوسط 13 كيلوغراما سنويا بين عامي 2015 و2020 إلى 1466 كيلوغراما في عام 2022.
وقد أثار هذا النمو المستدام في الاتجار غير المشروع عبر منطقة الساحل مخاوف أمنية، نظراً للروابط الموثقة جيداً بين تجارة الكوكايين وبعض الجماعات الإرهابية.
التغييرات السياسية تعطل عمليات التهريب
ومع ذلك، يبدو أن التغييرات الجذرية في المشهد السياسي في الساحل وليبيا قد عطّلت تهريب الكوكايين عبر شمال النيجر، وبدرجة أقل شمال مالي. وفي الوقت نفسه يشير التقرير إلى وجود تهريب كبير في جنوب مالي، الذي يُنظر إليه غالبًا كمؤشر على التدفقات المتجهة شمالًا.
ووفق المصدر النيجيري ذاته، فقد انتعش نشاط الاتجار بالكوكايين في الفترة 2019-2023 لعدة عوامل، أبرزها ارتفاع الإنتاج في أميركا اللاتينية، وزيادة الاستهلاك في أوروبا، والضغوط المتزايدة من جانب جهات إنفاذ القانون على طرق الاتجار البحري المباشر.
إعادة تشكيل تدفقات تهريب الكوكايين
لكن عام 2023 شهد تطورين أساسيين في إعادة تشكيل تدفقات تهريب الكوكايين المتجهة شمالًا نحو أوروبا.
أولًا، انقلاب يوليو في النيجر، الذي قطع الروابط القائمة منذ زمن طويل بين شبكات التهريب والجهات الفاعلة والداعمة التابعة للدولة. وثانيًا، اندلاع الصراع في أغسطس في شمال مالي بين الجماعات المسلحة المتمردة وجماعة نصرة الإسلام المتطرفة من جهة، والقوات المسلحة المالية المدعومة من مجموعة فاغنر الروسية من جهة أخرى.
وبشكل عام، أفاد المتاجرون في النيجر للجريدة، منذ منتصف عام 2023 بانخفاض مستمر في قوافل المخدرات، وخاصة تلك التي تربط شمال مالي بممر سلفادور، وهي عقدة رئيسية لتهريب المخدرات على الحدود بين النيجر وليبيا في طريقها إلى أسواق الاستهلاك الأوروبية.
وأثبتت شبكات التهريب في منطقة الساحل مرارًا وتكرارًا قدرتها على التكيف مع التغييرات في الصراع واستبدال مساراتها وولاءاتها لحماية أحجام التهريب. ورجح التحقيق أن تكون بعض عوامل الاضطراب الأخيرة موقتة فقط، ففي النيجر، على سبيل المثال، من المتوقع أن تتلاشى آثار انقلاب عام 2023 بمرور الوقت، حيث تتكيف الشبكات مع المشهد السياسي الجديد وتبني علاقات جديدة لإحياء عملياتها.
الوسط الالكترونية