عبّر قيس سعيّد عن "عظيم ألمه" لحادثة وفاة تلاميذ في مدينة المزونة بولاية سيدي بوزيد، إثر انهيار جدار مهترئ كان متداعيًا للسقوط منذ مدة، مؤكّدًا أن الجدار لم يكن بحاجة إلى خبراء أو لجان، بل إلى إعادة بناء فورية. غير أن هذا الاعتراف المضمّن في بلاغ الرئاسة يُثير استغرابًا عميقًا: إذا كانت خطورة الوضع بهذا الوضوح، فلماذا لم تُتخذ إجراءات استباقية في الوقت المناسب؟
بلاغ الرئاسة، على لسان سعيّد، انزلق كعادته إلى خطاب فلسفي مؤدلج، رابطًا بين فاجعة إنسانية تمس أطفالًا ومعاناة أسرهم، وبين "ثورة تشريعية" و"معركة تحرير وطني" و"ثورة في الفكر"، وكأنّ الخلل في العقلية لا في الإهمال الإداري، وفي الفلسفة لا في غياب الصيانة والرقابة.
وفيما شدّد سعيّد على ضرورة تحميل المسؤولية لكل من قصّر، فإنّ التساؤلات تبقى قائمة: من هو المسؤول فعليًا؟ وهل تكفي التعليمات الشفوية والعبارات المجرّدة في غياب محاسبة حقيقية وإجراءات ميدانية؟
سعيد تناول هذه القضايا لدى استقباله، ظهر الإثنين 14 أفريل 2025، لسارة الزعفراني الزنزري رئيسة الحكومة، مؤكدًا أن الثورة التشريعية لا يمكن أن تُحقّق أهدافها إلا بمسؤولين "يستبطنون روح النضال والتضحية".
لكن الواقع الميداني يفرض نفسه: التحسر لا يكفي، والخطاب الرمزي لا يعوّض الأرواح. الكلمات لم تعد تواسي، والجدران لم تعد تصمد... فمتى تنتقل السلطة من التنظير إلى الفعل، وتحمي حياة التلاميذ بالفعل لا بالبلاغات؟