في سياق التوتر الاجتماعي المتصاعد حول قانون المناولة الجديد وتنقيح مجلة الشغل، كشف الطاهر المزي، الكاتب العام المساعد المكلف بالقطاع الخاص في الاتحاد العام التونسي للشغل، عن تسريح 500 عامل من مصنع مختص في صناعة الأحذية بولاية بنزرت، وذلك قبل حتى دخول القانون الجديد حيّز التنفيذ الفعلي.
وأوضح المزي، خلال مداخلته يوم الأربعاء 28 ماي 2025 في برنامج إيكوماغ، أن عديد المؤسسات، خاصة التي تشتغل بنظام مناولة اليد العاملة، استبقت تنفيذ القانون وقامت بتسريحات جماعية، وسط فوضى تأويل فصول النص الجديد وغياب رقابة واضحة من وزارة الشؤون الاجتماعية.
وأشار إلى أن القانون الجديد المتعلق بالمناولة، والذي يسمح باللجوء إلى عقود محددة المدة في "أنشطة غير دائمة" أو "أعمال موسمية"، أصبح يُستخدم كذريعة لطرد العمال دون ضمانات، خاصة في ظل غياب النصوص التطبيقية التي تُحدد طبيعة هذه الأنشطة بدقة.
وقال المزي: "نشر القانون بالرائد الرسمي فتح المجال أمام تأويلات مختلفة، فكل مؤسسة تُطبقه وفق مصلحتها الخاصة، ما أدى إلى موجة طرد طالت ليس فقط قطاع السياحة بل أيضًا قطاعات كالنسيج والصناعات الإلكترونية".
وانتقد المزي بشدة لجوء بعض الشركات –وخاصة شركات المناولة– إلى استخدام العقود المؤقتة كوسيلة لتفادي الترسيم، مع إعادة تشغيل نفس العمال بعقود جديدة ودون أية استقرار مهني.
وأضاف أن القضاء لا يُوفر حماية كافية للعامل، إذ إن تنفيذ الأحكام الصادرة لصالحه يبقى صعبًا في غياب رقابة فعلية على المؤسسات.
وفي هذا السياق، دعا الاتحاد العام التونسي للشغل إلى:
- إصدار نصوص ترتيبية تُوضّح بدقة كيفية تطبيق قانون المناولة الجديد.
- تحديد قانوني لمفهوم "الأعمال الموسمية" و"الأنشطة غير الدائمة" التي تبرر العقود المحددة المدة.
- تمكين متفقدي الشغل من صلاحيات رقابية فعلية.
- فرض فترة انتقالية تُؤمّن حقوق العمال وتُجنّب المؤسسات ارتباك التطبيق.
وشدد المزي على أن قانون المناولة الجديد، بصيغته الحالية، يُهدد استقرار الشغل ويفتح الباب أمام تسريحات تعسفية بالجملة، في ظل غياب رؤية واضحة تضمن حماية العامل وتُرسي توازنا حقيقيا بين الحقوق والواجبات