حذر الناصر اليتوجي، عضو الغرفة النقابية لمؤسسات الحراسة، من التبعات الخطيرة لمشروع القانون المتعلق بمنع المناولة، المزمع مناقشته غدًا في جلسة عامة بمجلس نواب الشعب، معتبرا أن إلغاء نشاط نحو 200 مؤسسة حراسة وإحالة ما بين 50 و60 ألف عون على البطالة "جريمة" ومخالفة صريحة للدستور.
وأكد اليتوجي، خلال ندوة عقدت الاثنين تحت شعار "نحن مع إصلاحات جذرية... لا مع قوانين استعجالية وتعسفية"، أن مؤسسات الحراسة ليست شركات مناولة بل مؤسسات إسداء خدمات، تقدم مهامًا حيوية في مجال الأمن والسلامة وتؤمن منشآت حساسة، منها العمومية والديبلوماسية والبترولية.
ورأى أن إدراج نشاط الحراسة ضمن المناولة يشكل خطرًا على الأمن الوطني، بالنظر إلى ما سيتسبب فيه من تسريح للآلاف من الأعوان المدرّبين، محذرًا من فقدان خبرات متراكمة في مجال الحراسة والتكوين.
كما استنكر الاتهامات التي طالت القطاع، والتي وصلت حدّ الربط بين المناولة والاتجار بالبشر، معتبرا أنها مغالطات لا أساس لها من الصحة، مؤكدًا أن المؤسسات العاملة في هذا المجال تخضع لاتفاقيات قطاعية تنظم أجور العمال وتوفر لهم تغطية اجتماعية محترمة.
واقترح اليتوجي تنقيح مشروع القانون الحالي بالتنصيص صراحة على أن مؤسسات الحراسة ليست مؤسسات مناولة، مع الدعوة إلى بعث هيكل رقابي صلب وزارة الداخلية يعنى بمتابعة هذه الشركات، وتعزيز الرقابة لمعاقبة المخالفين دون المساس بوجود القطاع.
من جانبه، اعتبر أستاذ القانون، حاتم قطران، أن مشروع القانون المقترح يحتوي على عدة إيجابيات، أبرزها توضيح الفرق بين عقود الشغل محددة المدة وغير محددة المدة، ومنع كراء اليد العاملة بشكل قانوني، مع الإبقاء على إمكانية إسداء الخدمات المتخصصة.
وأوضح قطران أن مؤسسات الحراسة، بحكم طبيعة عملها، تُعد شركات خدمات قانونًا، إذ لا يمكن للمؤسسات المستفيدة تأمين الحراسة ذاتيًا، داعيًا إلى تنظيم القطاع عبر شروط واضحة تشمل التكوين المهني ونقاء السوابق العدلية، ضمن اتفاقية قطاعية تضمن حقوق الأعوان.
وأشار إلى أن تجربة دمج أعوان الحراسة مباشرة في المؤسسات العمومية أثبتت محدوديتها، وأن الحل لا يكمن في الإلغاء الكلي بل في الإصلاح والتنظيم.
يُذكر أن قطاع الحراسة في تونس تم تنظيمه منذ سنة 1989، وتم تقنينه بشكل أكثر صرامة بعد العملية الإرهابية في جربة سنة 2002، التي دفعت نحو فرض تكوين مسبق وترخيص من وزارة الداخلية. كما تم تحيين الاتفاقية القطاعية في نوفمبر 2023، بعد 12 سنة من الجمود.
ويهدف مشروع القانون الجديد إلى تقنين عقود الشغل، والحد من أشكال التشغيل الهش، عبر منع المناولة واقتصار العقود محددة المدة على حالات استثنائية منصوص عليها في مجلة الالتزامات والعقود.