في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية كتب عبد الناشط السياسي الوهاب الهاني ما يلي
الرئيس ترامب يعيِّن السفير بازِّي من عرب أمريكا "التَّرامبيِّين" خلفا للسَّفير هود (لا علاقة له بالنبي هود) في تونس.. فمادا نعرف عنه وعن سفيرة تونس بواشنطن
قرر الرئيس الأمريكي ترامب الثاني تعيين السيد بيل بازِّي (BILL BAZZI) سفيرا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية بتونس، خلفا للسفير المغادر جو هود..
والسفير المُعين الجديد من أصول لبنانية، وضابط سابق في سلاح مشارة البحرية الأمريكي (مارينز) لمدَّة 21 عاما، قبل أم يكمل دراسته الجامعية في الهندسة ويلتحق بكبريات الشركات الأمريكية بيونغ لصناعة الطَّائرات وفورد لصناعة السَّيَّارات لمدَّة 22 عاما، وقبل أن ينخرط في العمل السياسي كنائب في المجلس البلدي ثم أخيرا رئيسا لبلدية "دياربورن هايتس" (DEARBORN HEIGHTS)، بضواحي مدينة ديتروات الأمريكية عاصمة ولاية ميتشيغان، أين يمثل عرب أمريكا ثُلث السكان في مدينته ويمثلون نسبة مرتفعة في عموم البر الميتشيغاني المختص في صناعة السَّيَّارات..
وهو من عائلة لبنانية مسلمة من "بنت جبيل" اللبنانية، أحد أبرز معاقل القومية العربية في جنوب لبنان على الحدود مع شمال فلسطين المحتلة، نزحت عائلته إلى بيروت بسبب العدوان الإسرائيلي السافر والمتواتر ثمَّ عادت إلى صيدا يسبب الحروب الأهلية، قبل الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهو في سن 12 سنة..
وقد ساهم في الحملة الانتخابية للرئيس ترامب في ولاية ميتشغان المتأرجحة والمحددة في الفوز.. ولعب دورا كبيرا في إقناع عرب أمريكا بالتصويت للجمهوريين بدل التصويت الديمقراطي التقليدي الذي سار عليه عرب أمريكا لعقود، قبل خيانة الرئيس الديمقراطي المغار بايدن لغزَّة وعودة الموجة اليمينية بقوة في الولايات المتحدة الأمريكية واجتياحها الأوساط العربية..
وهو مقرب جدا من فارس بولوس (FARÈS BOULOS) شريك ترامب وصهره والد زوجة ابنته تيفاني ومستشاره الخاص للشؤون العربيَّة، والذي لعب ويلعب دورا كبيرا في تحديد ملامح ما يمكن تسميته "السياسة العربية" للإدارة الأمريكية الجديدة، التي تشمل كامل المنطقة العربية بما في ذلك تونس..
وبالعودة لطبيعة "التعيين السياسي" لأحد المقربين من الرئيس ترامب ومن مستشاره الخاص بولوس للشؤون العربية سفيرا لتونس، وإدخال تونس في صنف "التعيينات السياسية" المخصصة عادة للبعثات الدبلوماسية الكبيرة والحساسة،
والسَّفير الجديد بَازِّي يعرف تونس جيدا، وزارها عديد المرات، وتربطه علاقات واسعة مع عدد من كبار القادة العسكريِّين والفاعلين الاقصاديِّين والسِّياسيِّين في الموالاة وفي المعارضات، بالإضافة لعدد من النشطاء الجمعويِّين والسِّياسيِّين..
ومن باب فهم طبيعة النظام السياسي الأمريكي، فإن التعيينات السياسية هي جزء من النظام الرئاسي المسمى "نظام السطو" (spoils system)، عكس "نظام الكفاءة" (merit system).. وهو يعطي للرئيس المنتخب صلاحية تعيين عدد من رؤساء الإدارة وكبار الموظفين في المناصب السياسية العليا، بما في ذلك السفراء الذين يعتبر بعضهم أعضاء في الحكومة.. على أن يحوز التعيين الرئاسي ضرورة على موافقة البرلمان، بعد جلسة استماع للمرشَّح للمنصب وإخضاعه لحصص طويلة من الأسئلة حول برنامج عمله، بعد توفير فترة إعداد جدية للملفات ولخطة العمل والاستعداد لأسئلة النُّوَّاب وتوجيهاتهم..
ويعود هذا النظام القديم إلى بدايات تشكل النظام الرئاسي الأمريكي قبل تعديله والمرور تدريجيا إلى نظام الكفاءة، وتنظيم الرقابة والموافقة البرلمانية على التعيينات الرئاسية في إطار الفصل والتفريق بين السُّلط وما يفترضه من التَّوازن بين السًّلطات (وليس الوظائف)، وحصر التعيينات الرئاسية والتدخل فيها في عدد يناهز 4000 وظيفة فقط، من بين ما يناهز 3 مليون وظيفة فيديراليَّة وفيدرالية فقط (بنسبة ضئيلة جدًّا 0,125 بالمائة فقك)، وتحت رقابة السُّلطة التَّشريعيَّة، ومع ضرورة توفُّر عناصر الكفاءة وغيرها من شروط التَّعيين في الوظائف العليا..
وينص (القانون الأساسي) قانون السلك الديبلوماسي الأمريكي المعدَّل لسنة 1980على تعيين السفراء من المهنيين من منتسبي السلك الدبلوماسي من أصحاب الكفاءة والخبرة والتجربة، وهو ما يتم احترامه في أكثر من ثُلُثي التعيينات.. كما ينص على ضرورة التمكن من لغة بلد الاعتماد.. إلا أن الممارسة السياسية بالتناوب بين الحزبين الحاكمين الديمقراطي والجمهوري أفضت إلى تخصيص المناصب الكبرى الحساسة للتعيينات السياسية، مع توفر عناصر الكفاءة والرقابة والموافقة البرلمانية والقدرة على التَّسيير وتمثيل الدَّولة والتَّمكُّن من الأعراف وإتقان الفنون الدبلوماسيَّة وإتقان لغة بلد الاعتماد..