تحتفل تونس اليوم، 12 ماي 2025، بالعيد الوطني للفلاحة، الموافق لذكرى الجلاء الزراعي 12 ماي 1964، وهي محطة مثّلت تحوّلا مهما في مسار السيادة الوطنية على الأراضي الفلاحية، بعد سنوات طويلة من الاستعمار وتهميش الفلاح التونسي ونهب الثروات الزراعية.
ففي 12 ماي 1964، تمّ بموجب قانون الجلاء الزراعي استرجاع الأراضي الكبرى التي كانت تحت سيطرة المستعمر الفرنسي، في خطوة تاريخية أرست دعائم السيادة الاقتصادية والفلاحية وفتحت الباب أمام إصلاحات كبرى شملت إعادة توزيع الأراضي.
إضافة إلى تمكين صغار الفلاحين من حقّهم في الملكية والاستثمار والإنتاج، ضمن توجه إستراتيجي لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي والقطع مع التبعية الاقتصادية.
ويومها استرجعت الدولة التونسية مساحات من الأراضي تفوق 700 ألف هكتار كانت لدى المستعمر الفرنسي وإيطاليين ومالطيين، وقد تمّ تأميمها وإدخالها في الإنتاج الفلاحي التونسي.
ويمثّل العيد الوطني للفلاحة فرصة لتقييم المنجزات والتحديات التي تواجه القطاع الفلاحي، باعتباره ركيزة أساسية للتنمية المستدامة والأمن الغذائي، سيما في ظلّ التغيّرات المناخية، وشحّ الموارد المائية، والتحوّلات الاقتصادية العالمية.
ومنذ الاستقلال إلى اليوم حقّق القطاع الفلاحي اكتفاءً ذاتيّا في جلّ المنتجات الفلاحية، على غرار الخضر، والغلال، والبيض، واللحوم البيضاء، والمنتجات البحرية، واللحوم الحمراء، رغم ما تشهده الأخيرة من نقص في الإنتاج بين فترة وأخرى.
وبالمناسبة تنظّم وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري اليوم احتفالا تحت شعار: “نحو فلاحة ذكية من أجل سيادة غذائية”، في إطار دعم التحوّل نحو نموذج إنتاج مُستدام.
وتسعى تونس، في السنوات الأخيرة، إلى إعادة هيكلة المنظومة الفلاحية وتطويرها، من خلال تحديث البنية التحتية الريفية، وتشجيع التقنيات الحديثة، وتعزيز دور الفلاحة العائلية.
وذلك بهدف كسب رهان السيادة الغذائية واستعادة مكانة القطاع الفلاحي بوصفه قاطرة للتنمية المُستدامة ودعامة للاقتصاد الوطني.
وتأتي المناسبة هذا العام بالتزامن مع الاستعداد لانطلاق التعداد العام للفلاحة للمرّة الأولى في تونس من أجل فلاحة مُستدامة قادرة على مجابهة التحديات.