اعتبر القيادي بالتيار الديمقراطي والخبير المحاسب، هشام العجبوني، اليوم الثلاثاء، أنّ عنوان مشروع قانون المالية لسنة 2025 يمكن أن يكون “العبور إلى تقاسم الفقر”.
وقال العجبوني “تفاجأت بمواصلة الخطاب المتشنّج نفسه من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد والحديث عن الماضي خلال أدائه اليمين الدستورية”.
ودعا رئيس الجمهورية إلى تهدئة سياسية.وحول الجدل القائم بخصوص مشروع قانون المالية لـ2025، قال العجبوني إنّ كل قوانين المالية منذ 2011، “تعدّ ترقيعية لأنها تفتقر إلى عقل اقتصادي ناظم، حيث إنّ قانون المالية هو أداة لتنفيذ رؤية اقتصادية واجتماعية، والسياسة النقدية هي كيفية استغلال الموارد الجبائية وتوجيهها لتحقيق أهداف اقتصادية، وهو أمر غائب منذ 2011”.
وبيّن أنّ المداخيل الجبائية كانت في حدود 12.6 مليار دينار سنة 2011، وتقدّر في سنة 2025 بـ45.2 مليار دينار أي أنّها ارتفعت بحوالي 4 مرات.وأفاد أنّ المداخيل غير الجبائية ارتفعت من 1.8 مليار دينار إلى 4.4 مليار دينار، ونفقات الأجور من 7.3 مليار دينار إلى 24.4 مليار دينار، ونفقات التدخّلات من 2.3 مليار دينار إلى 20.5 مليار دينار أي أنّها تضاعفت بحوالي 9 مرات.
وقُدّرت فوائد القروض سنة 2011 بـ1.2 مليار دينار إلى 6.5 مليار دينار أي أكثر من ميزانية الاستثمار، كما أنّ فوائد 2025 تمثّل 87% من وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية معا، وهي أرقام تفسّر سبب تحقيق نسبة نمو تناهز الصفر، في ظل غياب استثمار عمومي وتوجّهات واضحة ورؤية اقتصادية يكون لها انعكاس على قانون المالية.
وأشار العجبوني إلى تسجيل 1000 إجراء جبائي تقريبا منذ 2011، والذي يفترض أن يحقّق أهداف قانون المالية وهي الحفاظ على التوازنات المالية الكبرى، في حين أنّ عجز الميزانية يعدّ قياسيا حيث قُدّر في 2024، بـ10.5 مليار دينار وفي 2025 بـ10.1 مليار دينار، وفق تقديره.
واعتبر الخبير المحاسب أنّ “الإجراءات الجبائية لم تحقّق أهدافها من خلق مواطن شغل ومناخ أعمال يحفّز على الاستثمار، أي أنّ المقاربة خاطئة، وأيّ إجراء جبائي تفوق جدواه الجدوى الاقتصادية فيجب التخلّي عنه”.
ولفت إلى أنّ الترفيع في الأداء على القيمة المضافة بالنسبة إلى المساكن المعدّة للسكن إلى 19% بتاريخ 1 جانفي 2025، “يجعل الطبقة الوسطى غير قادرة على شراء منزل في ظل التضخّم الكبير في أسعار المنازل المعدّة للسكن”.
وشدّد على ضرورة توفّر خدمة عمومية ذات جودة لفائدة المواطن في ظل الترفيع المتواصل في الضرائب.وأشار إلى أهمية الحفاظ على المؤسسات الصغرى والمتوسطة معتبرا أنّ الإجراءات التي تم إقرارها غير كافية والتمويلات ضعيفة، مضيفا: “الضغط الجبائي في تونس هو الأعلى في إفريقيا حيث تدفع المؤسسات مساهمات اجتماعية وجبائية ما بين 35% و40%، وهو ما لا يجعل الاقتصاد التونسي جاذبا”.كما تحدّث عن تراجع الادّخار، والاستثمار، مقدّما تصوره بشأن جدول الضريبة على الدخل.واعتبر أنّ قوانين المالية “تعدّ قوانين ترحيلية للأزمة التي تتواصل منذ 2011، وستتفاقم مع قانون مالية 2025:
.وفي المقابل ثمّن العجبوني إجراء صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات والذي تأخّر كثيرا، مبيّنا أنّ صندوق التأمين على فقدان مواطن الشغل، مشدّدا على أهمية الإجراءات الاجتماعية.وأكّد أنّ الإشكال “هو في الحديث عن الدولة الاجتماعية دون أن يكون هناك تصوّر لكيفية خلق الثروة عبر سياسات اقتصادية واضحة، والدولة الاجتماعية هي التي تخرج التونسيين من الفقر”.
واعتبر أنّ مشروع قانون المالية لم يتضمّن انعكاسا لخطاب الدولة الاجتماعية، مؤكّدا أنّ تقدّم أيّ دولة في العالم رهين تحقيق استثمار في المنظومة التعليمية والتربوية والتكوينية والجامعية والبحثية.كما اعتبر أنّ نجاح الشركات الناشئة التونسية كان في الخارج، مشيرا إلى قوانين الصرف التي قال إنّها مكبّلة للشباب.
وأضاف: “على الدولة أن تخرج التونسيين من الفقر، في حين أنّها تقوم بتفقير الأشخاص الذين يحقّقون نجاحات، كما أنّ مشروع قانون المالية لسنة 2025 يعد غير منصف لعدة أسباب”.وبيّن العجبوني أنّ الضغط الجبائي كان يفترض أن يعتمد على توسيع قاعدة الضريبة وإدماج التجارة الموازية، وهناك عديد النقاط التي يجب إعادة النظر فيها
ودعا العجبوني إلى ضرورة نشر الميزان الاقتصادي والتقرير العام حول قانون المالية، والذي يجب أن يكون محل نقاش عام من قبل كل التونسيين.