أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الاثنين 30 سبتمبر 2024، أنّه ينبغي على السلطات التونسية إطلاق سراح الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة المنتهية مهامها سهام بن سدرين معتبرة أنه تم سجنها "انتقامًا على ما يبدو من عملها في المساءلة عن عقود من الانتهاكات الحقوقية"، حسب تصورها.
وقال نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش بسام خواجا، وفق ما جاء في بيان للمنظمة: "يجب ألا تكون سهام بن سدرين في السجن، وكذلك التونسيون الآخرون الكثر الذين تحتجزهم حكومة الرئيس قيس سعيّد ظلمًا، بمن فيهم الصحفيون والمحامون والناشطون"، معقبًا: "هذه حالة انتقام واضحة، وينبغي للسلطات الإفراج فورًا عن بن سدرين وإسقاط التهم والتوقف عن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان".
وأضافت المنظمة الدولية أنّ "احتجاز بن سدرين يأتي في سياق القمع المتزايد من جانب حكومة الرئيس سعيّد قبيل الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 6 أكتوبرمعقبة أنه "مع ترشح سعيّد لولاية ثانية، استبعدت السلطات المنافسين المحتملين واعتقلتهم، وسجنت النشطاء، واستهدفت وسائل الإعلام ومجموعات المجتمع المدني المستقلة التي تراقب العملية الانتخابية"، مضيفة أنّه "يُحتجز أكثر من 170 شخصًا في تونس لأسباب سياسية أو لممارسة حقوقهم الأساسية"، حسب ما ورد في نص البيان.
وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أنّ "أحد أعضاء الهيئة السابقين رفع شكوى في ماي 2020، يزعم فيها تزوير بن سدرين تقرير الهيئة الرسمي بشأن الفساد المزعوم في النظام المصرفي فيما يتعلق بالبنك الفرنسي التونسي، وزعم المشتكي أن التقرير النهائي المنشور في الرائد الرسمي (الجريدة الرسمية التونسية) يتعارض مع النسخة المقدمة إلى الرئيس السابق الباجي قائد السبسي في 31 ديسمبر 2018". واستطردت المنظمة الدولة أنه "بحسب محاضر الهيئة التي راجعتها، لم تكن مسودة العام 2018 نهائية، حيث كان من المتوقع أن يعدل أعضاء الهيئة المسودة في جانفي 2019.
وقال محامو بن سدرين لـ"هيومن رايتس ووتش" إن "احتجازها يستند فقط إلى هذه الشكوى"، مشيرين إلى أنّ "وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس فتح تحقيقًا معها في فيفري/شباط 2023، ومنعها من السفر في 2 مارس/آذار 2024. وفي 7 مارس ، اتهمها قاضي التحقيق الأول باستغلال منصبها لتحقيق منفعة غير جائزة لنفسها أو للغير، والاحتيال، والتزوير".
وفي 8 أوت قال ثلاثة خبراء من الأمم المتحدة في بيان إن "اعتقال بن سدرين "قد يرقى إلى مستوى المضايقة القضائية على العمل الذي قامت به" كرئيسة للهيئة، وإنه "يبدو أنه يهدف إلى المس بمصداقية" تقرير الهيئة.
وترى هيومن رايتس ووتش أنّ "اعتقال بن سدرين يوجه ضربة أخرى للعدالة الانتقالية في تونس"، مشيرة إلى أنّ تونس كانت الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي أنشأت هيئة وطنية للحقيقة في أعقاب انتفاضات عام 2011، لكن الرئيس سعيّد أوقف العملية بعد استيلائه على السلطة عام 2021، وفي مارس 2022، أصدر مرسومًا ينص على العفو عن رجال الأعمال الذين تتم ملاحقتهم بتهمة الجرائم المالية إذا سددوا المبالغ المتنازع عليها أو استثمروها في التنمية الجهوية، ثم اعتمد دستورًا جديدا في 2022 أسقط ضمانات العدالة الانتقالية الواردة في دستور 2014"، على حد ما جاء في نص البيان.
وذكرت هيومن رايتس ووتش بأنّ "اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تجد أنّ الحبس السابق للمحاكمة يجب ألا يكون "ممارسة سائدة" وأنه لا يكون معقولًا وضروريًا إلا بعد تحديد فردي"، وأنّ "تونس ملزمة بموجب العهد الدولي و"الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" باحترام الحق في محاكمة عادلة".
وقال نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش بسام خواجا: "بعد تقويض عملية العدالة الانتقالية في تونس لسنوات، تُوجه حكومة سعيّد الضربة القاضية باحتجاز سهام بن سدرين"، مشددًا أنّ "على شركاء تونس الدوليين، الذين دعموا عملية العدالة الانتقالية، الدعوة إلى إطلاق سراح بن سدرين وضمان إزالة العقبات التي تعترض عملية العدالة الانتقالية"، حسب ما جاء في البيان ذاته.