أقرّ البرلمان الفرنسي يوم الأربعاء 21 ماي 2025 قانونًا جديدًا يُعدّ منعرجًا حاسمًا في تنظيم التسويق الهاتفي، بعد أن صوّت مجلس الشيوخ لفائدته بصفة نهائية. وينص القانون على منع أي اتصال تسويقي ما لم يُقدّم المستهلك موافقة صريحة ومسبقة وواضحة، ما يضع عبء الإثبات بالكامل على عاتق الشركات وليس على المستهلكين.
وسيدخل هذا القانون حيّز التطبيق في أوت 2026، ليشمل جميع أشكال التواصل غير المرغوب فيه، من مكالمات هاتفية إلى رسائل إلكترونية (بريد إلكتروني، SMS) وحتى التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة في مجالات حساسة مثل الطاقة المتجددة وتحسين السكن.
جاء هذا التشريع بعد فشل نظام "Bloctel" في التصدي للاتصالات العشوائية، وبعد ضغط متواصل من المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني. وأظهرت دراسة أن 97% من الفرنسيين يشتكون من الإزعاج المتكرر لهذه المكالمات، ما يعكس مدى استياء عام وشامل داخل المجتمع.
وقد رحّبت منظمات حماية المستهلك بالقرار، واعتبرته انتصارًا للخصوصية وكرامة المواطن، خاصة الفئات الضعيفة ككبار السن، الذين غالبًا ما يكونون عرضة لاستغلال تجاري واحتيالي عبر هذه الوسائل.
لكن في الجانب الآخر، أثار القانون الجديد قلقًا كبيرًا في صفوف مراكز النداء خارج فرنسا، خاصة في تونس وعدد من الدول الفرنكوفونية، حيث تعتمد هذه المراكز بشكل كبير على السوق الفرنسية في أنشطتها. ومن المتوقع أن يتسبب القانون في تراجع كبير للطلب على خدمات الاتصال الخارجي، مما يهدد آلاف الوظائف في هذا القطاع الحيوي.
وأكدت وزيرة الحسابات العامة الفرنسية، أميلي دو مونشالان، أن القانون يهدف أساسًا إلى تعزيز حماية المواطنين من المضايقات التي قد تكون بوابة لعمليات تحيّل، مشددة على ضرورة التوازن بين حماية المستهلك والحفاظ على النشاط الاقتصادي.