تخطي للذهاب إلى المحتوى

دراسة "جامعة بابلو دي أولافيدي" حول دور الاستياء الشعبي في تراجع الديمقراطية وصعود الشعبوية في تونس

28 يوليو 2025 بواسطة
دراسة "جامعة بابلو دي أولافيدي" حول دور الاستياء الشعبي في تراجع الديمقراطية وصعود الشعبوية في تونس
Ameur

في دراسة نشرها مؤخرًا الباحث بوسكو غوفانتس من جامعة بابلو دي أولافيدي، بالتعاون مع أنطونيو ألفونسو وميغيل إرنانديز دي لاراميندي، تم تحليل دور الاستياء الشعبي في أزمة النظام الديمقراطي في تونس بعد أكثر من عشر سنوات على الثورة. وتظهر الدراسة، التي نُشرت في مجلة Democratization، أن تراجع ثقة المواطنين في النخب السياسية التقليدية ساهم في انهيار نظام الأحزاب وصعود الخطابات الشعبوية.

وارتكز الباحثون على الانتخابات التشريعية لسنة 2019 كنموذج، مبرزين الانخفاض الحاد في المشاركة الانتخابية وصعود أحزاب جديدة من مختلف التوجهات الأيديولوجية، إلى جانب صعود قيس سعيّد، الذي فاز بالرئاسة بخطاب مناهض للمنظومة دون دعم حزبي.

وحذّر غوفانتس من أن هذا الاستياء يجعل المجتمعات أقل قدرة على مقاومة الانزلاقات السلطوية، كما حصل منذ 2021 في تونس. ودعا في ختام الدراسة إلى تطوير أدوات تحليل تأخذ خصوصية السياقات العربية بعين الاعتبار، بعيدًا عن النماذج الغربية التقليدية.

نص الدراسة الكامل   :


دراسة أجرتها جامعة بابلو دي أولافيدي تحلل دور الاستياء الشعبي في أزمة الديمقراطية وصعود الشعبوية في تونس


بإشراف عالم السياسة بوسكو غوفانتس، تكشف الدراسة كيف ساهم استياء المواطنين في انهيار نظام الأحزاب وتراجع الديمقراطية في تونس، البلد الذي كان يُعد نموذجًا للنجاح الديمقراطي بعد الربيع العربي.


نُشرت الدراسة في مجلة "Democratization" العريقة، وتفتح آفاقًا بحثية جديدة لفهم السلوك الانتخابي في سياقات الانتقال الديمقراطي.



إشبيلية، 24 يوليو 2025


بعد أكثر من عقد على الربيع العربي، تمر تونس – التي كانت تُعتبر نموذجًا للنجاح الديمقراطي في المنطقة – بأزمة مؤسساتية عميقة. في هذا السياق، قام الباحث السياسي بوسكو غوفانتس من جامعة بابلو دي أولافيدي، بالتعاون مع أنطونيو ألفونسو (جامعة لويولا الأندلسية) وميغيل إرنانديز دي لاراميندي (جامعة قشتالة-لا منتشا)، بتحليل كيفية مساهمة الاستياء الشعبي في انهيار نظام الأحزاب وتراجع الديمقراطية في البلاد.


تقوم الدراسة المنشورة مؤخرًا في مجلة "Democratization" على فرضية أساسية: أصبح الاستياء السياسي عاملًا حاسمًا لفهم التحولات السياسية الجديدة في تونس، مثل انخفاض المشاركة الانتخابية وصعود القوى الشعبوية، وهما ظاهرتان تآكلتا بشكل خطير دعائم النظام الديمقراطي.


يؤكد غوفانتس، الأستاذ في قسم العلوم السياسية والإدارة العامة بالجامعة، أن:


> "انخفاض نسبة المشاركة، وتفتت البرلمان، ونجاح الخطابات الشعبوية لا يمكن فهمها دون أخذ الاستياء الشعبي المتراكم بعين الاعتبار، نتيجة سنوات من الوعود غير المنجزة".




الاستياء، الشعبوية، وتراجع الديمقراطية


تركّز الدراسة على الانتخابات التشريعية لعام 2019، التي جرت في ظل تفاقم الإحباط الاجتماعي والاقتصادي. وتتمثل إحدى النتائج البارزة للدراسة في الانخفاض الحاد في نسبة المشاركة التي بلغت 41.7% فقط، أي أقل بـ27 نقطة من انتخابات 2014.


وقد لاحظ الباحثون أيضًا تقلبًا كبيرًا في التصويت وازدياد الأصوات الممنوحة لأحزاب جديدة ذات خطابات شعبوية من مختلف الاتجاهات الأيديولوجية، سواء من الإسلام السياسي أو اليسار العلماني.


يقول غوفانتس:


> "الأمر اللافت أن المواطنين، رغم تبديلهم للأحزاب، يبقون غالبًا ضمن نفس الكتلة الأيديولوجية. ما يتهاوى ليس الانتماء الأيديولوجي بل الثقة في النخب السياسية التقليدية."




وقد أدى هذا التآكل في الثقة إلى صعود شخصيات من خارج المنظومة الحزبية، مثل الرئيس الحالي قيس سعيّد،


> "الذي فاز بالانتخابات الرئاسية بخطاب شعبوي مناهض للنظام دون أن يكون له هيكل حزبي"، بحسب الباحث.




نظام سياسي في أزمة


إلى جانب المعطيات الانتخابية، تضمنت الدراسة مقابلات مع فاعلين رئيسيين في المشهد التونسي، ومساهمات من خبراء تونسيين وأمريكيين وإسبان، ومنهجية مبتكرة تمزج بين المحاور الأيديولوجية (يمين-يسار، علماني-ديني) لتحليل حركة الناخبين.


وتُظهر النتائج أن الاستياء لم يقلب فقط المعادلات الانتخابية، بل أضعف أيضًا آليات الرقابة الديمقراطية وقدرة المجتمع على التصدي للنزعة السلطوية التي بدأها الرئيس سعيّد في 2021 حين علّق عمل البرلمان وأخذ السلطة التنفيذية كاملة.


يحذّر غوفانتس قائلاً:


> "الشعوب غير الراضية والمنفصلة عن القنوات المؤسساتية أقل قدرة على مقاومة الهجمات على الديمقراطية".




ويضيف:


> "ما حدث في تونس يساعدنا على فهم أفضل للمخاطر التي تواجه الديمقراطيات الهشة عند التقاء الأزمات الاقتصادية مع الاستياء السياسي."




رؤية متعددة التخصصات وآفاق بحثية جديدة


يُذكر أن التعاون بين غوفانتس وميغيل لاراميندي، أستاذ الدراسات العربية والإسلامية، ممتد منذ سنوات، لكنها المرة الأولى التي ينضمون فيها للعمل مع أنطونيو ألفونسو، خبير في تحليل البيانات الاقتصادية.


يؤكد غوفانتس أن:


> "دمج هذه الرؤى المتعددة التخصصات أضاف قيمة حقيقية للنتائج النهائية للدراسة."




وتفتح الدراسة آفاقًا جديدة لفهم السلوك الانتخابي في سياقات الانتقال الديمقراطي، لا سيما في العالم العربي، حيث لا تزال هذه التحليلات التجريبية نادرة.


ويخطط الباحثون مستقبلاً لتوسيع المقاربة المقارنة لمعرفة إن كانت العلاقة بين الاستياء الشعبي، صعود الشعبوية، وتراجع المؤسسات الديمقراطية تتكرر في دول أخرى في المغرب العربي والشرق الأوسط.


ويشددون على أهمية هذه الدراسة التي تطبق مفاهيم معاصرة في العلوم السياسية – مثل الاستياء السياسي، الشعبوية، والانحدار الديمقراطي – على سياقات قلّما حظيت باهتمام البحث الدولي.


ويختم غوفانتس بدعوة إلى:


> "كسر المنطق الغربي المركز في تحليل الأنظمة السياسية، وفهم الديناميات الخاصة بالعالم العربي ضمن أطر تحليلية تلائم خصوصياته التاريخية والاجتماعية."

دراسة "جامعة بابلو دي أولافيدي" حول دور الاستياء الشعبي في تراجع الديمقراطية وصعود الشعبوية في تونس
Ameur 28 يوليو 2025

علامات التصنيف