في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية تحدث الناشط السياسي عبد الوهاب معطر عن رهانات انتخابات السادس من أكتوبر و في ما يلي نص التدوينة كاملا
هل تعلم أن جوهر الحقوق السياسية و المدنية و عمودها الفقري هو الحق في انتخابات حرة و نزيهة و شفافة يكون مركزها صندوق الاقتراع؟ نعم ... لأن هذا الحق هو الذي يتحكم في مآلات بقية الحقوق و الحريات ممارسة أو منعا . فالحاكم الذي يعبث بصندوق الاقتراع و يعبث بآلياته بدءا من الترشح وصولا إلى الإعلان عن النتائج هو حاكم فوق إرادة الناخبين و هو لا يعتبر مصيره مرتبطا بهم و هو لا يخشى من عقابهم بعدم التصويت له و لذلك فهو لا يتورع عن دوس مجمل حقوقهم و حرياتهم بما فيها الفردية و العامة .
العبرة فيما ذكرت هو أنه لا معنى لحرية التعبير و الاجتماع و التظاهر و التنظيم و لا ضمان لحرمة المسكن و سرية المعطيات و المراسلة و سائر الحقوق الاجتماعية و الحريات السياسية الأخرى طالما لم تكن مسبقا الانتخابات النزيهة مضمونة و لم تؤمن عمليا قدسية صندوق الاقتراع .فبدون ذلك هو الاستبداد و الفساد .
ان سلوك الانقلابي و تعامله الغاشم مع الحريات يثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه كان يضمر منذ 2021 فيما أضمر تحقيق هدف مركزي يتمثل في تقويض وتدمير العمود الفقري للحقوق و الحريات و نعني به صندوق الاقتراع . فاستولى عليه لخاصة نفسه و جعله عمليا ملكيته الخاصة يستضيف فيه الأنصار و يمنع عنه الأغيار بالقوة الغاشمة و البطش بدلالة ما يمكن رصده في المسار الانتخابي الجاري بدءا من العبث بترسانة القوانين و صولا إلى التنكيل بالمنافسين مرورا بالتمرد على أحكام القضاء المخالفة لرغباته و توقعا للتلاعب بالنتائج .
و كما كان الأمر في السابق فإن منطق الأشياء و نواميسها تشي بأن القادم أعظم مع هذا الانقلابي بعد 6 أكتوبر طالما أنه اغتصب صندوق الاقتراع و انتزع ملكيته من الناخبين أصحابه الشرعيين.
ان هؤلاء الأخيرين هم أكبر الخاسرون و سيدفعون باهظا من حقوقهم و حرياتهم إذا ما استسلموا لهذا الاغتصاب الموصوف لصندوق الاقتراع بوصفه أقدس ما لديهم لتماسك اجتماعهم و لممارسة مواطنيتهم في وطن حر.
لقد صمم الانقلابي و زمرته على تحقيق نصر كامل في 6 أكتوبر مهما كانت التكاليف على البلاد ( حرب تحرير ) و مهما كان الثمن على العباد ( البقاء أو الفناء ) و دون الاكتراث بالأغيار مترشحين ( خونة و لصوص ) أو ناخبين ( متآمرين ).و بذلك فهو يضع المواطن ... أي مواطن في مواجهة مصيره و مصير بلاده ومضطر بالضرورة إلى التصدي إلى هذه الكارثة السابقة و الأفدح لاحقا و ذلك بالعمل الجاد على استرجاع صندوق الاقتراع بجميع الوسائل المتاحة ليس فقط لأن هذا الصندوق يمثل فرصة حقيقية للتحرر و التداول على السلطة بل و كذلك لأنه يمثل العمود الفقري للحقوق و الحريات الاجتماعية و السياسية كما أسلفنا.
ان العمل الجاد في سبيل استرجاع الصندوق هو واجب مواطني عاجل و هو فرض عين على كل أفراد هذا الشعب و ذلك بخوض النضالات اللازمة و تجنيد الطاقات و استنباط المبادرات لغاية محاربة الاستسلام لهذا الواقع . و يتكثف هذا الاستسلام عبر ترويج البعض لصوابية مقاطعة الانتخابات حال أن هذه المقاطعة هي التي يسعى إليها الانقلابي وهي التي تخدم رأسا مسعاه لاستكمال اغتصابه نهائيا للصندوق بدون تكاليف و بدون مقاومة أي كان على طول الطريق المفروش.
صحيح أن وعي شعبنا و تمثله لمركزية صندوق الاقتراع و أهمية الإنتخابات الرئاسية في هذا الوقت قد يكون محدودا بما يفسر محدودية ردة فعله على ما أتاه الانقلابي من فظائع و بما يؤشر إلى دعوة بعض نخبه الى مقاطعة الانتخابات بذرائع واهية . لكن التسليم بهكذا وضع ستكون خسارته مفصلية على المستويات كلها و لذلك فانه و في الأدنى المتاح لا مناص لهذا الشعب و نخبه الا المقاومة و الصمود و رفض التسليم بالواقع على الأقل .
و يكون ذلك بالانطلاق من مسلمة أن صندوق الاقتراع بما أنه قطب الرحى للانتخابات الرئاسية المقبلة هو ميدان معركة حقيقية تستحق استجماع شروط المقاومة النشيطة متعددة الأوجه و مختلفة الحلقات و أن هذه المعركة ان خيضت بهكذا وعي مواطني و تصميم لن تؤدي في الأدنى إلا لإنهاك الانقلابي و استنزاف قواه و مراكمة أخطائه و محاصرته في زوايا ظلماته بما ييسر على شعبنا استرجاع صندوق الاقتراع و افتكاكه منه حتى بعد 6 أكتوبر مباشرة إن لم يحدث تغير في موازين القوى قبل ذلك .
ان المقاومة هي الأدنى المواطني في هذه المرحلة و من أوجهها على سبيل المثال لا الحصر (بما يفتح المجال لاية مبادرات أو مقترحات آخرى) :
- أن يتمسك المترشحون المرسمون من المحكمة الإدارية بشرعية ترشحهم و يخوضون المعركة القانونية و الميدانية من هذا الموقع .
- أن يستمر الضغط على الانقلابي فضحا لأفعاله و تشهيرا بعدوانيته في علاقة مع المسار الانتخابي برمته و بالمنافسين له .
- التخلي عن فكرة المقاطعة كخيار أول و نهائي و الدعوة إلى ضرورة المشاركة في الانتخابات كحق و واجب مواطني .
- تكثيف توعية الجماهير بالكوارث التي ألحقها قيس سعيد بالبلاد و العباد على مختلف المستويات و بما سيحدثه من دمار وطني في صورة تواصل بقائه و أن الإنقاذ يمر حتما عبر التشطيب عليه في ورقة الاقتراع .
- الاستعداد فورا في اتخاذ التدابير الشعبية اللازمة لحماية عمليات فرز الأصوات في مكاتب الاقتراع إن اشتغلت.
- إيجاد خطة مرنة و آليات ديناميكية غايتها استغلال هذه الفرصة للتخلص من الانقلابي بواسطة الصندوق أو خروجه منه مثقلا بالأعباء و في وضعية المهزوم سياسيا و أخلاقيا سيما أنه سيرتكب كل الكبائر من أجل البقاء .
- تخلي النخب السياسية عن المناكفات و الصراعات و لو مؤقتا لإفساح المجال لمتطلبات وضع حد لبقاء الانقلابي في قرطاج عاجلا أو آجلا بما هو مصلحة وطنية مجمع عليها بينهم و لو بأقدار.
فهل سيكون شعبنا و نخبه في الميعاد لإنقاذ البلاد ؟