في الحياة، هناك لحظات لا تُعوض، مواقف لا تُعاد، ووداعٌ لا يتكرر. ولكن يبدو أن القسوة لا تعرف حدودًا، حين يُحرم المرء من أبسط حقوقه الإنسانية: أن يحزن، أن يودّع، أن يبكي أمام قبر من كان يومًا قلبه وملاذه.
أمين مال جمعية نماء و القيادي السابق في حركة النهضة عبد الكريم سليمان مودع خلف القضبان ، لكن السجن لم يكن كافيًا ليُضاعفوا ألمه، فحين جاءه الإذن القضائي لحضور جنازة والدته، كان الأمل ضئيلًا، لكنه كان كافيًا ليمنحه حق النظرة الأخيرة. غير أن إدارة السجن قررت أن تقتل حتى هذا الأمل، ورفضت تنفيذ الإذن، فجعلت الفقد أكثر قسوة، والموت أكثر برودة.
حيث أفاد نجل عبد الكريم سليمان في تدوينة له إن والده منع من حضور جنازة والدته التي توفيت أول أمس الجمعة 14 مارس 2025 رغم إذن رئيس الدائرة الجنائية بحضور الجنازة
أيّ ظلمٍ هذا الذي يحرم الابن من الوقوف أمام نعش والدته، من لمسة أخيرة على كفّها البارد، من همسة وداع تُقال في صمت القلب المثقل بالأسى؟ أيّ قسوة تلك التي جعلت رجلاً يحبس دموعه بين جدران السجن، فيما كانت جنازة أمه تُشيّع دون أن يكون له حق السير وراءها، ليحمل جرحًا لا يندمل ما بقي له من عمر؟