أظهرت نتائج التعداد العام للسكان وجود حوالي 800 ألف مسكن شاغر في تونس، لا يُعرض للبيع ولا للإيجار، في مؤشر واضح على الركود العميق الذي يشلّ السوق العقارية. هذا الرقم الصادم يطرح أكثر من علامة استفهام حول أسباب استمرار الأسعار في مستويات مرتفعة، رغم انهيار الطلب وتعثر وضعية المطورين العقاريين.
السوق، كما تؤكد الأرقام، تعاني من تخمة في العرض، مقابل طلب شبه غائب. ومع ذلك، تصرّ الأسعار على الثبات عند مستويات غير منطقية، ما يشير إلى وجود اختلالات هيكلية وعقلية احتكارية في إدارة القطاع، بعيداً عن منطق العرض والطلب.
الركود العقاري لم يعد أزمة عابرة، بل تحوّل إلى مأزق اقتصادي واجتماعي يعمّق الفجوة بين القدرة الشرائية الحقيقية للتونسيين وأسعار السكن المتضخمة، ويقوّض آمال الشباب في التملك.
حتى الأحياء المصنفة راقية لم تسلم من تداعيات هذا الوضع، إذ تراجعت القيمة الحقيقية للعقارات فيها تحت وطأة التضخم، فيما تواصل الأسعار المعلنة تجاهل الواقع، كأنما يعيش القطاع العقاري في فقاعة منفصلة عن الاقتصاد الوطني.
إن تمسّك السوق بأسعار وهمية في زمن الأزمة ليس سوى انتحار بطيء للقطاع. المطلوب اليوم، وبشكل عاجل، هو تحرير الأسعار نزولاً وتشجيع تصفية المخزون السكني بأسعار تتماشى مع الإمكانات الحقيقية للمواطن.
فمتى يُتخذ القرار الصعب؟ ومتى تُفتح العيون على حقيقة أن بقاء السوق مرهون بقدرته على التكيّف لا على أوهام الربح السريع؟